في عدد الدستور أمس نتائج دراسة حديثة أجراها مجموعة من الباحثين من مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان، تظهر ان هناك ارتفاعا في ظهور أعراض متصلة بأمراض الجهاز التنفسي لدى فئة الشباب، ممن يواظبون على تدخين الأرجيلة. الارجيلة في بلادنا أصبحت منذ زمن طويل موضة تجتذب اعدادا كبيرة من فئة الشباب ذكورا واناثا وحتى الطلبة من المراحل الاساسية والثانوية اعتقادا منهم بأن الاضرار الناجمة عن تعاطي الارجيلة اقل من مثيلتها الناجمة عن السجائر، علما أن الدراسات العلمية -حسب زميلنا كمال زكارنة الذي نشر نتائج الدراسة- اثبتت ان تناول نفس (رأس) واحد من الارجيلة يعادل تدخين ستين سيجارة متتالية، ويروى في هذا المجال أن إحداهن طلبت أرجيلة، فجاء لها النادل برأس أرجيلة مزين بعشرين سيجارة، فقالت له أنها لا تدخن السجائر، فقال لها أن نفس الأرجيلة يعادل عشرين سيجارة!
نحن هنا لا نقوم بالدعاية للسجائر المبتلى بها ملايين الناس، فهي لا تقل أذى عن الأرجيلة، لكن بلاء أخف من بلاء، كما يقال، مكتب مكافحة السرطان قام بفحص أثر تدخين الأرجيلة على المدى الطويل على وظائف الرئة، وقياس الجهد الرياضي للقلب والرئة عند مجموعة من الشباب الذكور، الذين يتراوح معدل أعمارهم ما بين 18-24 سنة، حيث قام فريق الدراسة بمقارنة الحالة الصحية لـ( 69) مدخناً شاباً للأرجيلة مع( 69 ) شاباً من غير المدخنين واستغرقت الدراسة سنتين. وبينت الدراسة أن قراءات وظائف الرئة أضعف لدى الشباب الذين يستخدمون تبغ الأرجيلة، مقارنة مع غير المدخنين وتبين أيضاً أن هناك انخفاضا في قدرتهم على ممارسة النشاط البدني، وبحسب الدراسة يمكن أن يتسبب استخدام الأرجيلة بإرهاق مبكر للعضلات. كما كشفت أن مدخني الأرجيلة يعانون وزنا زائدا، بما يقارب الـ( 6) كغ، مقارنة بغير المدخنين. وهذا معاكس لما هو متعارف عليه لدى مدخني السجائر. لكن زيادة الوزن أمر متوقع نظراً لتدخين الأرجيلة لفترة طويلة، التي عادة ما يتخللها تناول وجبات ومشروبات..وهذا يعني الاصابة بامراض السمنة وما يرافقها من امراض مزمنة مثل السكري والضغط والكولسترول والدهون، اضافة الى الامراض الخطيرة الاخرى. وتتفرد هذه الدراسة عن غيرها بالكشف عن الإصابات المبكرة بالأمراض المرتبطة بتدخين تبغ الأرجيلة لدى فئة الشباب، التي ساهمت في نشر هذه الثقافة، وترويج المفاهيم الخاطئة حولها، بأن تدخين الأرجيلة أقل ضرراً من تدخين السجائر، وبانها لا تعد ادماناً، إضافة لانتشار المقاهي، التي تقدم خدمة الأرجيلة لهذه الفئة بأسعار مناسبة، في المناطق السكنية، وبالقرب من المدارس والجامعات.
الجزء الأهم في الموضوع كله أن استخدام الأرجيلة يشكل خطراً يهدد الشباب حيث تصل مدة الجلسة الواحدة ( 45 دقيقة)، أي ما يعادل 60 سيجارة.. وبحسب منظمة الصحة العالمية قد تصل إلى أكثر من 200 سيجارة، وهذا يعني استنشاق كميات كبيرة من المواد السامة التي تتواجد في تبغ المعسل والتي تصل إلى أكثر من 7000 مادة كيميائية سامة، منها 70 مادة مسرطنة، ومن هذه المواد غاز أول أكسيد الكربون، القطران والمعادن الثقيلة التي تزيد من احتمالية ظهور أعراض الأمراض الرئوية المزمنة والسرطان بالإضافة إلى التأثيرات السلوكية، وتأثيرات على مستوى التحصيل العلمي خاصة عند البدء بممارسة عادة التدخين في عمر مبكر وذلك حسب الدراسات العلمية التي ما زالت مستمرة في دراسة هذه المواد وتأثيرها على الجسم، علماً بأن صناعة المعسل لا تزال غير مطابقة للمواصفات القياسية التابعة لوزارة الصحة ومؤسسة المواصفات والمقاييس؛ ما يؤدي لتعرض الجسم لمواد أخرى، وهنا تحديدا تظهر قضية في غاية الخطورة، حيث تتكاثر قي بلادنا المحلات التي تصنّع أنواع التبغ «المعسل» أو المنيل، بعيدا عن أي رقابة صحية، حيث يسطيع أي هاو أن يصنع «معسله» الخاص ويطرحه في الأسواق، دون أن يعلم أحد ماهية المواد السامة التي يستعملها في صناعته هذه، إلى هذا وذاك، ومن الأمور المقلقة جدا هنا أن ثمة «تسهيلات» منقطعة النظير للأماكن التي تقدم الأرجيلة، دون الاتزام بقانون الصحة العامة الذي يمنع التدخين في الأماكن المغلقة، خاصة الأرجيلة، فأنت إذا ساقتك قدماك للقاء صديق في مقهى ما، ستعود من هذا المقهى وقد دخنت كروز دخان لا «نَفَس» أرجيلة، حيث تمتلىء سماء المقاهي بغمامة كثيفة من دخان الأراجيل، قد تحتاج معها لكشاف ضوئي لمعرفة أين تقف وكيف تتحرك لفرط الضباب الذي يلف المكان!
الدستور