هل الموقع الوزاري مكسب ..؟ أم امتياز ؟ ...في الرحلة التي أمضاها ناصر جودة متنقلا بين الإعلام والخارجية , بين التلفزيون ودار الرئاسة وبين قلايات البندورة , وجلسات الشكوى في المساء ..لو قدر لي أن أجمع ما كتب في هذا الرجل وعنه ..لأنتجت مجلدات .
منذ (5) سنوات لم أقرأ خبرا يسر الخاطر عنه , فهو إما ملتصق في الموقع وأحيانا (...), وإما أن الخارجية (...)...أو أنه يحابي الاصدقاء , ومع ذلك يمضي في المشهد بكل ما فيه ..من نهش ورجم وتشويه .
وأنا أجزم أننا نستطيع أن نبتكر مادة خاصة تدرس لطلاب الصحافة والإعلام في الجامعات الأردنية تحت اسم :- (أصول النهش – جودة نموذجا) ومن الممكن طرحها لطلاب سنة رابعة ..كمادة إجبارية .
ذات يوم , هاتفته ولم يجب ..كان أمرا ملحا , فقررت الإتصال مع (أم ناصر) علها تساعدني في العثور عليه...أخبرتني أنها هي نفسها لم تشاهده منذ شهر , فهو إما على سفر وإما يسهر في الخارجية يوقع البريد المتراكم , وأحيانا في المستشفيات يعالج الدسك والكوليسترول , وبين شكواها منه وخوفها عليه ..قالت لي بكل ما يحوي قلب الأم من ألم :- (هم شو بدهم فيه يا خالتو ..ما خلو إشي عليه ...هو شو عامل ناصر ؟) ..أيقنت وقتها أن الموقع الرسمي لم يعد مطمحا ولا مكسبا في بلادنا , وأيقنت أن هؤلاء الذين يهاجمون بلا حسيب أو رقيب لو يعرفون في لحظة لهفة الأم أو اشتياق الإبن لما تطوعوا للشتم ..بهذه الطريقة .
حين ينشر مقالي ربما سيكون التعديل الحكومي قد حدث , ولكننا ككتاب نفهم قليلا في لعبة السياسة , وندرك ضرورة هذا الرجل للمرحلة القادمة فالقمة العربية التي ستعقد في عمان , ملف حرج وخطر وتحتاج لمن يحمل هذا الملف بكل تعقيداته , وبكل حرجه ..ويمضي به , وناصر جودة في النهاية هو المؤهل لخوض غمار هذه اللعبة , هو المؤهل لجس النبض حول سوريا ..ومشاركتها , هو يدرك حساسية الموقف الخليجي من لقاء عمان بين الحكومة الشرعية والحوثيين , هو يعرف تعقيدات العلاقات العربية , وهو ملم وعلى دراية في التجاذبات التي تحدث ...في النهاية تكتشف أن الرجل ضرورة في المنصب ووجوده ليس عبثيا ولا امتيازا ...
صار أمرا سهلا على مواقع التواصل , أن نصرف كلمة (000) , وصار أمرا سهلا أن نصرف كلمة (مزرعة أبوه) , صار أمرا سهلا أن نتهم كل من نريد باقذع التهم...وأجزم أن هذا الرجل , شال حملا ثقيلا في رحلة العمر ..
سؤالي الأخير , هل بقي للرجل (مرارة) ...صراحة أنا لا أعرف ؟ ولكني أظن أن وزير خارجيتنا هو الوزير الوحيد في العالم الذي (فقعت) مرارته منذ وقت طويل .
الرأي