ان الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار بالإنسان وإن أفضل الاستثمار في هذا المجال هو استثمار ابداعات أبناء وبنات الوطن وهذا ما أشار إليه جلالة الملك في كثير من المناسبات ولا سيما في الاجتماع الاخير المنعقد مع رؤساء الجامعات. واليوم خبر ايجابي حول إنهاء مناقشة قانوني التعليم العالي والجامعات. يجب ان تكون هناك جهة تقوم برعاية هذه الفئة ومتابعة اتجاهاتهم الفكرية وانجازاتهم في المجالات الفكرية والصناعية والتطبيقية والاجتماعية والاقتصادية. 

تحدث البعض عن وجود فجوة بين النظرية والتطبيق ومن الدلائل على تلك الفجوة وهذا أمر مقبول إلى حد ما ولكن حينما يتجاوز هذا الحد يصبح الأمر فيه إشكالية تتطلب دراسته من أجل الإجابة على أسئلته المطروحة، وحينها سنصبح من الرواد في مجال هذا النوع من الاستثمار. 

والسؤال هنا كمثال لماذا براءات الاختراع المسجلة لدى الحاصلين على الثانوية العامة فما دون هي أكثر من براءات الاختراع لدى الحاصلين على الشهادات الجامعية وحتى أساتذة الجامعات!؟ 
اذن يجب علينا ان نراجع مخرجات الجامعات وجودتها وربطها بحاجة المجتمع. ليكبر السؤال هنا أكثر وأكثر!! 
ماذا قدمت الجامعات للوطن؟ 

هل الجامعات روافع تنموية حقيقية لبناء الوطن؟ 

هل الجامعات عبء على الوطن؟ 

أين يذهب خريجو الجامعات؟ 

هل أدخلت المدرسة والجامعة على مناهجها زيارة الملك لمصنع الطباشير في الكرك كحالة إنجاز وهذا من خمس سنوات تقريبا؟ 

هل الجامعات عنصر مؤثر في محاربة الفكر التكفيري؟ 

هل الجامعات منفتحة على قضايا المجتمع؟

لماذا هذا الإسراف في التلميع والبث الاعلامي بإنجازات متواضعة؟ 

لماذا لا نعترف!؟ حتى خارج الإعلام!! 

أعتقد جازما ان هناك هوة كبيرة بين الجامعة والمدرسة وعند معالجة تلك الهوة سوف نكون بحال أفضل. ولن تكون هناك مشكلة كبيرة في الميزانية. لا نريد اهمال العلوم الإنسانية مثلما نريد التركيز على التعليم التقني. بالجامعات يكبر الوطن ويكون الوزير والطبيب والأستاذ الجامعي والمهندس ومعلم المدرسة فيحب ويتفانى بعمله ولن يكون هناك قصور بالميزانية. 

وننصح بشدة بالتوقف فورا عن سباق ومارثون الجامعات على الاعلام وفي طرح تخصص الطب والتخصصات الطبية خاصة للجامعات التي لا تملك مستشفى جامعي. ارحموا الوطن وابناءه فلم يبق شيء يبيعونه. وكفانا التغني بالإنجاز عشرات المرات وننسى أننا تركنا الإنجاز نفسه ينكمش في كل يوم كفكرة وبقينا أمام مرآة النرجسية التي فيها نقضي مئات الساعات في حالة عدم قبول النقد البناء والانغلاق على المجتمع، وممارسة دكتاتورية فكرية على الآخر.