اوباما- ترامب: هل هو فقط انتقال للسلطة .. ؟
الدكتور احمد القطامين
14-01-2017 07:35 PM
يوم الجمعة الواقع في العشرين من كانون ثاني الحالي، سيشهد العالم انتقالا كليا للسلطة من ادارة اوباما "الوادعة" الى ادارة رجل الاعمال الملياردير دونالد ترامب "الشرسة". ويبدو واضحا ان فصلا جديد من فصول الانتظامات الكبرى في السياسة الامريكية سوف يبدأ وسيدخل العالم في حيزٍ جديدٍ ضيق من التفاعلات الخشنة.
كان اوباما يدير العالم من خلال خلفيته القانونية المحكومة بكونه من اقلية عرقية صغيرة، اما ترامب فسيدير العالم كرجل اعمال يتبع عرقيا الاغلبية الحاكمة فعلا في الولايات المتحدة. ترامب كرجل اعمال سيكون موغلا في التفاصيل الدقيقة، ويتعاطى مع الجوانب القانونية بمرونة كبيرة ويسعى دائما الى احداث التوافق الاستراتيجي بين كافة الانشطة التشغيلية التي يمارسها والهدف الاستراتيجي الشامل "مصلحة الولايات المتحدة الامريكية"، اي ان كل قراراته يجب ان تصب بنسبة مائة في المائة في المسار الذي يخدم الهدف الاستراتيجي الاكبر فقط، اما التأثيرات الجانبية لتلك القرارات على الاطراف الاخرى فلن تحضى بالاهتمام المطلوب.
اذن، من المؤكد ان ما سيحدث لن يكون انتقالا عاديا للسلطة من رئيس لآخر، بل سيكون انتقالا للمسار من حالة الى حالة اخرى مناقضة. فمثلا، بينما كان اوباما يحجم عن استخدام القوة الهائلة للجيوش الامريكية في اية حالة تتطلب تدخلا، ويفضل المشاركة الديناميكية الناعمة للمخابرات كما فعل في سوريا، فان ترامب سيكون دائم الاندفاع لاستخدام القبضة الخشنة باقصى طاقة ممكنة لتحقيق اهدافه ما دامت تخدم الهدف الاستراتيجي الاكبر "المصلحة الامريكية"..
فبينما كان اوباما يتعاطى مع الاحداث العالمية بعقلية "الحمل الوديع" بسبب خلفيته الديموغرافية الغنية المتعددة المصادر، فان ترامب سيتعاطى مع الاحداث "كذئبٍ كاسر" مدعوما بخلفيته الديموغرافية الضيقة ذات البعد الحضاري والثقافي الاوحد.
كان اوباما شديد الحرص على اتباع اتكيت رئاسي محكوما بقواعد البرتوكول المتعارف عليه، الا ان ترامب بالمقابل لن يأبه بالاتكيت الرئاسي ولا يقبل ان تحكم قراراته ومواقفه وسلوكه باية قواعد برتوكولية.
وهذا يتوافق مع احدى نظريات علم الادارة المعاصرة التي تقول ان الخصائص الشخصية لمتخذ القرار تنعكس عل طريقته في اتخاذ القرارات وعلى نظرته الكلية للاشياء والظواهر... ولتوضيح ذلك نستعين بحادثة حقيقية حدثت مع اوباما في احدى زياراته للمنطقة:
بينما كان الرئيس الامريكي اوباما يحل ضيفا على احد زعماء الدول في المنطقة العربية المرتبطة بامريكا ارتباطا قويا، قال اوباما عبارة اغضبت زعيم تلك الدولة.. فضرب الزعيم بيده على الطاولة بغضب وقال لاوباما لن نقبل املاءآتكم ابدا. سكت اوباما وامتص حالة الغضب وبعد قليل تم استئناف المحادثات بينهما كأن شيئا لم يكن.
ولكن، ماذا لو حدث نفس السيناريو وكان المقابل ليس اوباما بل دونالد ترامب؟
الجواب متروك لتقديراتكم...
خلاصة الحديث هنا، اننا امام مرحلة جديدة في السياسة الدولية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وعلينا كعرب ان لا نتفاجأ بتطورات واحداث دراماتيكية بعضها قد يقود لنتائج ايجابية كما قد يحدث في سوريا، وبعضها الآخر سلبيا في اماكن اخرى..