تصفية حسابات على حساب مصلحة الوطن
د. هايل ودعان الدعجة
14-01-2017 07:32 PM
ثبت ان ضعف أداء معظم مؤسسات الدولة وتراجعها في السنوات الاخيرة أساسه سوء الإدارة.
فبعد ان كنا نموذجا يحتذى في اصول الاداء الإداري ، ومرجعية إدارية يعتد بها في تخريج الكفاءات وتصديرها الى الخارج ، بطريقة أسهمت في معالجة الكثير من المشاكل الادارية التي كانت تعاني منها دول المنطقة وتحديدا دول الخليج التي استعانت بالخبرات الأردنية في هذا المجال ، اصبحنا مع كل أسف نفتقر الى هذه الميزة ، وباتت هذه الدول التي كنا نصدر لها النماذج الإدارية الأردنية الناجحة تتفوق علينا. وبدا ان القطاع العام يعاني من إشكالية تراجع الأداء ، وهو ما اشار اليه جلالة الملك عبد الله الثاني أكثر من مرة في توجيهاته السامية الى الحكومات الأردنية المتعاقبة . لقد اختلت الاليات والمعايير المعتمدة في اختيار القيادات الادارية في المواقع الوظيفية العليا التي اصبح بعضها يدار من قبل مسؤولين غير مؤهلين ، واصبحنا نفتقر الى القيادات الإدارية المؤهلة والقوية الجاهزة التي يعتد بها في إدارة شؤون مؤسسات الدولة . وبدلا من ان يتم افراز قيادات إدارية معدة وجاهزة من رحم هذه المؤسسات ، لتتولى المسؤولية عند حدوث شاغر في موقع المسؤول الاول لضمان استمرار العمل وفقا للسياسة او المنهجية المتبعة والمتعارف عليها والمنسجمة بطبيعة الحال مع الأهداف والسياسات والخطط المطروحة ، يتم اللجوء الى الاستعانة بشخصيات قيادية من خارج هذه المؤسسات ، ومن خلفيات مختلفة تحتاج الى وقت ليس بالقليل لكي تندمج وتنخرط بمنظومة العمل الجديد والغريب عليها ، وذلك على حساب سرعة الإنجاز وتحسين الأداء وتطويره وتفعيله ، والذي يصب في المحصلة في مصلحة الوطن .
واذا ما بحثنا في الاسباب الى أدت الى هذه الظاهرة ، سنجد انها مرتبطة بالطريقة التي يفكر بها المسؤول الأول للبقاء في منصبه لأطول فترة زمنية ممكنة عبر التخلص من الخبرات والكفاءات القيادية التي يتوقع ان تنافسه او تحل محله طالما ان مصيرها بيده. ويبقي على قيادات متواضعة ، حتى اذا ما غادر موقعه لاي سبب من الأسباب وجدنا انفسنا امام معضلة البحث عن البديل الكفوء ، والذي سيكون من المتعذر وجوده بنفس المؤسسة التي يفترض ان تفرز قياداتها بعد ان تم تجريدها وتفريغها من الكفاءات ، وذلك عندما سمحنا لبعض القيادات الإدارية ان تتعامل مع مؤسسات الدولة التي تديرها وكأنها ممتلكات او مزارع خاصة . فانانية هذا البعض ووضعه لمصالحه الشخصية على سلم الأولويات في تعاطيه غير المسؤول مع المنصب العام ، حرمنا من اصحاب الكفاءات والمؤهلات والخبرات التي قد تكون بالعشرات ، لمجرد انه يخشى على نفسه منهم ، مقدما مصلحته الخاصة على المصلحة الوطنية وبذلك يكون قد اسهم بحرمان الوطن من هذه الكفاءات التي احتاج اعدادها وتأهيلها الى الكثير من الجهد والوقت وحضور الكثير من الورش والدورات التدريبية الداخليت والخارجية ، وانفقت عليها الأموال الطائلة لتصل الى هذا المستوى المميز .
فلماذا تبقي الدولة مصير الكثير من الكفاءات الموجودة فيها رهينة قرارات فردية قد تطيح بها لدواعي شخصية مصلحية ، ولا تتعاطى مع هذه المسألة الوطنية بشكل مؤسسي ، بحيث يتم تشكيل لجان مختصة للنظر في مصير هذه الكفاءات ، وما اذا كانت قادرة على الاستمرار في العطاء ام لا وبما يخدم الصالح العام ، حتى لا يتم توظيف المواقع الوظيفية العليا من قبل بعض المسؤولين في تصفية حسابات شخصية على حساب المصلحة الوطنية ؟ .