لست في هذا المقام بصدد الحديث عما يجري من ابتعاد عن لغتنا العربية وإساءة لها في الأحاديث الشفوية بين العامة وفي التعليقات على مواقع شبكة الإنترنت وما يجري من تكسير لقواعدها وشقلبة لأحرفها لتصبح الطاء تاء والقاف آفا والظاد زايا مضخمة وما إلى ذلك مما يعتبره البعض ضربا من ضروب الحضارة والتمدن وقد يدخلون بعض الكلمات بلغات أجنبية ظانين ذلك دليلا ساطعا على تمدنهم واتساع ثقافتهم .
كما أنني لست متخصصا في اللغة العربية لأكتب في مثل هذه المواضيع لكنني دهشت وأنا أقلب مجموعة وريقات وقعت بين يدي ، تشبه في ترتيبها وعناوينها ما يغمر الأسواق من صحف أسبوعية ظننتها بداية إحدى الصحف القادمة من دولة غير ناطقة بالعربية جاءت في حقيبة إحدى خادمات المنازل لما وجدته فيها من عشرات الأخطاء اللغوية والإملائية في كل أخبارها وتعليقاتها وحتى إعلاناتها ، ناهيك عن ركاكة الصياغة والأخطاء المطبعية والتي كان كافيا لاكتشافها مجرد استذكار بعض ما علمنا إياه المرحوم جريس حدادين أستاذ اللغة العربية قبل بضع عشرات من السنين عندما كنا طلابا في المرحلة الإعدادية .
وصلت حد النرفزة بل والإشمئزاز عندما وقعت عيناي على الحاشية السفلى للصفحة الأخيرة وإذ بها صحيفة أردنية دورية ولها ناشر ورئيس تحرير وبها دوائر ومدراء وما إلى ذلك من المسميات مما يعني بالضرورة أنها صحيفة مرخصة من الجهات الرسمية الأردنية المختصة ، مما يعني أيضا أن هنالك جهة رسمية مقصرة في تطبيق شروط ترخيص الصحف إن كان هنالك من شروط أقلها تعيين معلم مرحلة إبتدائية في اللغة العربية ليقوم بمراجعة وتدقيق ما ينشر في الصحيفة المرخصة .
كل ذلك لا يخلي مسؤولية نقابة الصحفيين التي أعتقد بضرورة تبنيها آلية معينة تراقب من خلالها مدى الإلتزام بقواعد اللغة في كل المنشورات الصحفية لتمنع وصول الرديء منها لأيدي المستهلكين من أبنائنا حماية لهم وحماية للغتنا من أنفسنا وحرصا على الإرتقاء بمهنة الصحافة تماما كما تفعل نقابة المهندسين التي تقوم بمراجعة وتدقيق كل مخطط بناء يعده أي مكتب هندسي مرخص مقابل مبلغ محدد عن كل متر مربع من البناء المنوي إنشاؤه وكذلك ما تفعله الجهات الصحية بمراقبة المنتجات الغذائية ومنع الفاسد منها عن أيدي المستهلكين .
أملنا كبير في الجهات المعنية للتصدي للمعتدين على لغتنا العربية بمراقبة ما نقرأ فسلامة ما يتغذى عليه العقل بالقراءة لا تقل أهمية عن سلامة ما يتغذى عليه البدن بالطعام .
mustafawaked@hotmail.com