ترامب والقدس .. هل من خيارات فلسطينية؟!
رجا طلب
13-01-2017 07:09 PM
بات من الواضح أن الرئيس دونالد ترامب جاد في مواقفه المعلنة خلال حملته الانتخابية في ثلاث قضايا رئيسية، وهي الموقف من إيران، ومحاربة تنظيم داعش بوصفه عنواناً رديفاً لمحاربة الإرهاب، أما القضية الثالثة فهي الدعم غير المسبوق الذي ستحظى به إسرائيل وتحديداً في قضية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والتغاضي التام عن استمرار توسعة المستوطنات وبنائها في القدس والضفة الغربية.
في تقديري أن وعود ترامب في موضوع نقل السفارة الأمريكية للقدس تجاوزت الدعاية الانتخابية لتدخل مرحلة جدية وحساسة، وفي المعلومات الصحفية المتداولة فإن الرئيس الأمريكي ينوي خلال الحادي والعشرين من هذا الشهر أي بعد يوم من تنصيبه رئيساً دستورياً للولايات المتحدة إعلان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو أمر يشغل بال صناع القرار في أكثر من عاصمة عربية وشرق أوسطية ودولية، وذلك لما لقضية القدس من حساسية دينية وتاريخية وسياسية وبحكم أن العالم ممثلاً بالأمم المتحدة وبالقرارات الصادرة منذ احتلال المدينة في الرابع من يونيو (حزيران) 1967 عن مجلس الأمن الدولي، فإنه يتعامل مع القدس الشرقية باعتبارها "أرضاً " محتلة وفقاً للقرار 242 والقرارات المتعاقبة بهذا الشأن بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير رقم (2334 ) الصادر في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي والذي مررته إدارة أوباما من خلال الامتناع عن التصويت في خطوة أمريكية تتخذ لأول مرة منذ عقود.
وفي المعلومات الصحفية المتداولة فإنه واستناداً إلى ما رشح من لقاء محمود عباس مع رجل الأعمال اليهودي الأمريكي، دانييل آربس، المقرب من صهر ترامب، جاريد كوشنر(يهودي ويميني متعصب عين مؤخراً بمنصب كبير المستشارين في البيت الأبيض) إن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، ينوي فعلاً نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وأنه من المحتمل أن يعلن عن ذلك بعد يوم واحد من توليه الرئاسة .
والسؤال المطروح ماذا يعني مثل هذا العمل في حال قام به الرئيس ترامب فعلياً؟
من حيث المبدأ فإن مثل هذا العمل يعد من الناحية القانونية تنصلاً أمريكياً من كافة قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وبمدينة القدس بصفتها أرضاً محتلة، وهو أمر لم يسبق للعالم أن واجه مثيلاً له وأقصد هنا أن تتنصل دولة عظمى عضو في مجلس الأمن من القرارات الصادرة عنه أو تعمد مخالفتها بالإضافة لمخالفة القانون الدولي وتحديداً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ومن غير المعلوم بعد ماذا سيترتب على مثل هذه الخطوة من تبعات سياسية وقانونية من الأمم المتحدة تجاه واشنطن ومن واشنطن تجاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديداً؟
في أبسط التفاسير السياسية في حال قامت واشنطن بمثل هذه الخطوة فإنها ستكون بمثابة إعلان لوفاة عملية السلام رسمياً رغم كل ما يعتري هذه العملية من جمود وموت سريري، كما ستكون مثل هذه الخطوة اعترافا أمريكياً حاسماً بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية وبالتالي الاعتراف "بيهودية إسرائيل" وهو أمر سيفتح الباب على مصراعيه لليمين القومي المتطرف بزعامة نتانياهو من أجل القيام بأعمال تطهير عرقي بحق الفلسطينيين ليس في مدينة القدس فحسب بل في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948.
أما السؤال الآخر فيتعلق بكيفية مواجهة السلطة الفلسطينية لهذا القرار المصيري في حال اتخاذه وما هي خياراتها السياسية أو النضالية ؟
ما سمعته من الدكتور صائب عريقات قبل أيام في إحدى لقاءاته المتلفزة أن منظمة التحرير ومعها السلطة الفلسطينية ستعلنان سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، وهو الاعتراف الذي تم وفقاً لاتفاقيات أوسلو، أما الخيار الثاني فهو إعلان الدولة الفلسطينية رسمياً تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 والذي اتخذته الجمعية العامة في اجتماعها السابع والستين في 29 نوفمبر 2012 والذي منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة.
لا أعتقد أن الخيارين السابقين قادران على إحداث أي أثر فعلي ومباشر على الواقع الحالي والمتمثل بأن "إسرائيل هي السلطة القائمة بالاحتلال" ولكن ومن أجل تعميق أزمة واقع الحال للاحتلال فإن المطلوب القيام بأمرين غاية في الأهمية تكملة لخيارات صائب عريقات وهما حل السلطة الفلسطينية ووقف التنسيق الامني على كافة المستويات، أما ميدانياً فإن الخيار المناسب وبالتزامن مع ما سبق إعلان الإضراب العام في القدس والضفة الغربية بالإضافة للعصيان المدني وبالتزامن مع انتفاضة شعبية سلمية تسقط من يد الاحتلال خيار استخدام السلاح وتجريم استخدامه أمام العالم.
ولكن السؤال الجوهري هل السلطة الفلسطينية بحكم واقعها الحالي قادرة وجاهزة على اتخاذ مثل هذه القرارات؟