الحكومات " مجالس الوزراء " في كل الدنيا , هي طواقم سياسية ذات حضور وطني محلي وإقليمي , وستكون أحسن لو إمتلكت في بعض شخوصها حضورا على المستوى الدولي كذلك , أما مهمتها , فهي إجتراح أفكار إبداعية سياسية تتعلق بسائر السياسات السياسية والإقتصادية والإجتماعية , وكل ما يندرج في أطرها من تفاصيل مدنية وأمنية وعسكرية .
وفق هذا " الثابت " في حياة الدول وشعوبها , تفلح الحكومات في ترجمة المطلوب منها على هيئة أفكار مبدعة , تقوم طواقم وظيفية إدارية وفنية وإستشارية وغيرها , بتحويلها إلى عمل على أرض الواقع ,تحت رقابة الحكومة إبتداء , والتي تخضع بدورها هي الأخرى لرقابة برلمانية , أي رقابة شعبية يتولاها البرلمان المنتخب .
تاريخيا , لم توفق دول عديدة خالفت هذا الثابت في إختيار حكوماتها , وواجهت عثرات ومشكلات عديدة تحولت بفعل التقادم إلى معضلات مستفحلة أدت إلى إهتزاز ثقة الشعب بمجمل الدولة من جهة , وأوجدت حالة تذمر وشكوى عامة بين أوساط الشعب ذاته .
السياسي الوطني المبدع والمنتمي لوطنه وأمته وللحياة المثلى ككل , هو الشخص المؤهل فطريا لإشغال منصب الوزارة وبجدارة , والوظيفي الوطني المبدع المتحلي بذات السمات أعلاه , هو الشخص المؤهل فطريا كذلك لتحويل الأفكار والسياسات الإبداعية التي تنتجها مجالس الوزراء , إلى عمل إبداعي ملموس , وإذا ما قادته اقداره لشغل منصب وزير فمن الطبيعي أن لا يفلح وان يتعثر لينعكس ذلك على الحكومة والدولة ! .
وللدلالة على وجاهة ذلك , أستعير ما كان ذهب إليه جلالة الملك سابقا , عندما قال ما معناه " هم ناجحون في القطاع الخاص , وعندما نأتي بهم إلى الحكومات يتعثرون " إنتهت الإستعارة , والسبب في تقديري هو إفتقارهم إلى ميزة السياسي رجل الدولة ! , ولا شيء غير ذلك .
لا نشكك ولا ننتقص من قدرات وإخلاص أحد شغل أو يشغل حاليا منصب وزير , فكلهم أبناء وبنات البلد ومؤكد لا يتمنون الفشل ويطمحون إلى النجاح , لكننا نرى أن تشكيل الحكومات في بلدنا ولسنوات عديدة خلت , طغى عليه الطابع الوظيفي على حساب الأصل , وهو الطابع السياسي لمن يمتلكون صفة رجال دولة , ومن هنا فلقد عانينا وما زلنا نعاني , خاصة عندما نأتي بمبدعين في مجالهم الخاص ومعروفين فقط ضمن حدود عملهم ولمن حولهم , ونوليهم مناصب وزراء فيتعثرون كما شكا جلالة الملك شخصيا .
لم نعد نعرف آلية تشكيل الحكومات في بلدنا , لكننا نسمع كغيرنا , أن الرئيس المكلف لا يمتلك إمكانية إختيار طاقمه وحده وبالتشاور مع الجهاز الأمني ومع من يرى لديهم الخبرة , وأن تدخلات كثيرة تملي عليه وزراءه , وهذا وبكل صراحة وأمانة أقل ما يمكن أن يوصف به انه خطأ لا تحتمل الاوطان مخرجاته ! .
بصراحة أكبرلا تبغي غير وجه الله ومرضاته سبحانه , لم ولن يفلح مسؤول كبير إن لم يتمتع أصلا بأخلاق رجل الدولة السياسي الشيخ في كل صفاته وسماته وسجاياه , حتى لو شغل أعلى المناصب , والامثلة في حياتنا عديدة. حمى الله الاردن شعبا وملكا وجيشا وأمنا من كل مكروه, وهو تعالى من وراء القصد .