نسمع عن الثورة البيضاء التي يقودها الوزير الغزاوي في وزارته، فتحية كبيرة له فحجم الملف الذي يديره الكبير والمعقد والعميق. 
انهمرت علينا وسائل الإعلام المتعددة بما فيها الكتب المدرسية منذ عقدين من الزمن عن ثقافة العيب وعن البطالة المقنعة وكل ذلك كان بهدف تشغيل أبناء الوطن وتغيير هذه الثقافة السلبية من أجل بناء الوطن واحلالهم محل العمالة من الأخوة العرب الوافدين الذين اخرجتهم لقمة العيش من بلادهم، فتحية لهم وتحية لنا وتحية لمن يقدس العمل. 

أما هؤلاء الذين لا يقدرون العمل ولا يقدسونه ولا يعطون العامل الأردني حقه ويستغلونه كان شابا مقبلا على الحياة بأمل أن يكون نفسه او حتى من بدأت ملامح الشيخوخة تغزوا ملامحهم المتعبة من ضنك العيش ومتطلبات الحياة، ولكن ما يحصل معهم في شركات الخدمات والتنظيف هو منافٍ لكل الأعراف الإنسانية والقانونية والعمالية. 

وهؤلاء الذين لا يعرفون ثقافة العيب يعملون براتب يناهز 190 دينار وليس لديهم تأمين صحي ولا يعرفون أرقامهم في الضمان الاجتماعي ومنهم من لم يوقع عقدا مع صاحب العمل، أما رصيد الإجازة لديهم هو 10 دنانير خصم عن كل يوم يقضونه اجازة، وحتى لو تعرضوا لوعكات صحية تحسم من تلك الرواتب المتهالكة، و لا يوجد بدل عمل إضافي في الأعياد وأيام السبت والعطل الرسمية لكن يعطوهم بدلات كمغادرات واجازات. 

فأعان الله أبناء جلدتنا من بني جلدتنا ومنهن نشميات قطعن عشرات الكيلومترات من اجل دحض هذه الثقافة، يعملن من أجل سد الدين وتدريس أبنائهن في الجامعات هم منا وليسوا من كوكب آخر، شبعوا من تلك الشعارات، وشبعنا نحن. فكيف لو كان هؤلاء الشرفاء ليسوا من أبناء جلدتنا، وحتى هذا الحد نختصر جزءا من معاناتهم.