كم هو قاتم و معتم و موحش ودميم ومخيف ذلك السرطان الذي اختطف منا اغلى الرجال وابهاهم واوفاهم وانبلهم واصدقهم واقربهم الراحل الخالد الحسين بن طلال طيب الله ثراه في ذلك الصباح الحزين يوم بكت مقل الأردنيين حدقتها ، دموعا تسللت من لواعج القلوب فلم يخفف حينها قسوة الفاجعة الا خير خلف لخير سلف.حين اكون في عمان هذه المدينة التي ليس بوسعك الا ان تبادلها عشقا بعشق وتمشط شعرها المبلل برذاذ المطر، ثم تقبلها على جبينها الممتد على جبال عزتها السبع ، فتشعر برائحة الأرض والدحنون وهي تمسك بيدك لتأخذك الى الجنه.
حين أكون في عمان و أمر بجوار مركز الحسن للسرطان أحزن مرتين وأبكي مرتين مرة على الراحل الخالد ومرة على اسم المركز عينه ، فهذه السوسنة التي يستطب بمرآها وعبيرها ولون الندى على وجنتيها حين تعانق الغيث ، هذه السوسنة التي غرسها الراحل الخالد مع اسرته الأردنية لتكون الشمعة في نفق الألم والأمل في نفق الوحشة .
هذه السوسنة الجميلة كان لا بد ان يقترن اسمها بما هو أجمل (الراحل الخالد ) ولإن الراحل الخالد كان خيرا على خير على خيرفلا يمكن ان يقترن اسمه وذكراه الا بكل خير ، وانا لا أرى في السرطان من خير ، الخير يكمن في علاج السرطان وفي اولئك الجنود المجهولون الذين يعيدون ابتسامة طفل افتقدها منذ ان فتك المرض به ، اولئك الذين يغرسون الأمل مجددا في قلوب شفها اليأس من قسوة المرض .
هل ضاقت لغة اهل الجنة ولغة القرآن الكريم ولغة المعلقات وسوق عكاظ الى هذا الحد بحيث لم نجد اسما آخر لمركز الحسين للسرطان يكون المرض فيه اقل حدة ويكون اقترانه باسم الراحل الخالد اكثر املا والقا وبهاء؟
الم يكن بامكاننا ان نطلق عليه اسم مركز الحسين للشفاء مثلا ، أو مركز الحسين لعلاج الأورام ، أو مركز الحسين لعلاج السرطان إن كان لا بد من ذكر اسم المرض ؟
فرفقا بالعربية ، ورفقا بمن يصارعون المرض الموحش في الداخل ، ورفقا بمن يخافون اسم المرض في الخارج ، ورفقا بذكرى الراحل الخالد والسوسنة التي غرسها.