عصر الإنحطاط العربي والنيويورك تايمز!
نوال عباسي
09-01-2017 03:21 PM
لست أدري إلى أين تتجه سفينتنا العربية والأمواج والرياح العاتية تعبث بها وتكاد بأن تغرقها في هاوية الخلافات العربية والأطماع الإستعمارية الهادفة إلى إرجاعنا إلى حقبة القرون الوسطى، وإلى تقسيم المقسم من وطننا العربي إلى طوائف ومشيخات لا وزن لها ولا قيمة ولا إعتبار من أحد, ومهمتها تسيير الأعمال وقيادتنا إلى الضياع وإلى تنفيذ ما خططه لنا العم سام وصهاينته من مؤامرت لمحونا عن خريطة العالم، ولجعلنا عبارة عن عبيد على أرضنا لا هدف لنا إلا الركض وراء رغيف الخبز.
لقد أصدرت صحيفة النيويورك تايمز عدداً خاصاً تم تكريسه بأكمله لموضوع واحد استغرق جميع صفحات العدد، الأمر الذي يحدث لأول مرة في تاريخ هذه الصحيفة العريقة التي تعتبر قدوة للصحافة الجادة .. موضوع العدد هو الكارثة التي حلت بالعالم العربي خلال 13 عاماً، إبتداء من عدوان أميركا وبريطانيا على العراق واحتلاله في عام 2003 ذلك العدوان والاحتلال الأميركي لم يدمر نظام البعث فقط، بل دمر الدولة العراقية، وخلق الظروف الملائمة لولادة داعش وأمثالها من المنظمات الإرهابية، وقضى على العالم العربي وحوله إلى منطقة ملتهبة، ومصدر لأزمة لاجئين عالمية، كما أعطى إشارة الإنطلاق لعصر الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم ويقض مضاجع البشرية.
يقدم موقع عالمي محترم حصيلة بالأرقام الموثقة للخسائر البشرية والمالية التي سببها العدوان الأميركي على العراق بحجة كاذبة، فقد قتل من العراقيين مليون و455 ألفاً و590 شخصاً، ومن العسكريين الأميركيين 4801 جندي وضابط، ومن حلفاء العدوان الأخرين 3487 عسكرياً، ويضيف الموقع إن الكلفة المالية للحرب على الغالب والمغلوب بلغت ترليون و705 مليارات و856 مليون دولار، الربيع العربي واحد من النتائج الثانوية والهزات الإرتدادية للكارثة وتقدر مصادر دولية أن خسائر الوطن العربي بلغت 830 مليار دولار، هذا فضلاًًً عن الدمار الحاصل في تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وسوريا.
هناك مرحلة من التاريخ العربي وصفت بعصر الإنحطاط
ولكن الإنحطاط الذي يشهده الوطن العربي اليوم غير مسبوق في التاريخ، خاصة وأنه يحدث في عصر تحرز فيه الشعوب مزيداً من التقدم والإرتقاء.. والعرب يحاربون بعضهم في اليمن ويدمرون البلاد، والعرب يحاربون العرب في سوريا ويدمرون سوريا، والعرب في ليبيا ويدمرون ليبيا، والعرب يحاربون الغرب في العراق ويدمرون العراق، ومع أن الإرهابيين يشنون حربهم على الإنسانية بإسم الإسلام فإن 70% من ضحاياهم مسلمون.
لا توجد مؤشرات على ان هناك مستقبلاً عربياً أفضل فمعظم الجروح العربية نازفة وملتهبة وتستعصي على الشفاء، وأي مستقبل لمجتمعات لم تعد تعتبر نفسها مجتمعات وطنية بل مكونات إجتماعية، تتقسم على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق. .. وإسرائيل ليست مسئولة عما يفعله العرب بأنفسهم ومن حقها أن تشعر بالراحة والأمان طالما أن العرب تكلفوا بتدمير بلادهم.
لن أعلق على ما كتبته النيويورك تايمز عن الكارثة التي حلت بالعراق وبالوطن العربي,انما سأترك الموضوع للقارئ وكما وعدت النيويورك تايمز انها ستصدر عددا اخر عن التغول الايراني في العراق, ننتظر العدد..!