تجديد العقل الإرهابي وتجديد الإستراتيجيات الأمنية
سامي المعايطة
08-01-2017 02:42 PM
في مطالعة بحثية لعمليات التنظيمات إلارهابية وتحديدا داعش، وبتدريبات استخبارية لدول إقليمية أو ميليشيات طائفية تقوم على تجنب خيار التفجيرات الانتحارية، والاتجاه لإبراز ضعف المنظومات الأمنية للدول المستهدفة، وإحراجها وخلخلة الثقة بين هذه المؤسسات والمواطنين.
وهي نظرية الضربات المتتابعة والتي تقوم على تحديد عدة أهداف متتالية، والتنوع بالضربات من تفجيرات وإطلاق نار ويتبعها ضربة لاحقة أما بنفس المكان أو استغلال الظرف المرتبك لضرب هدف آخر، والسعي نحو احتجاز رهائن أن أمكن.
والأهم قدرة الإرهابي على الفرار وليس الانتحار لإثبات فشل نظرية الأمن القائمة على التعامل مع أشخاص انتحاريين وهذا يلزم وجود دعم لوجستي موازي للعملية الإرهابية وممارسة القتل العشوائي والسعي لقتل أكبر عدد ممكن وتأمين بيوت آمنة احتياطية بخلاف أماكن استقرارهم قبل العملية، ووجود خطط هروب احتياطي لخارج المنطقة أو الدولة وتأمين وثائق إثباتية متعددة وتأمين أسلحة متقدمة ووجود وفر مالي لتأمين العملية.
وأصبح الاعتماد على مقاتلين محترفين ممن اكتسبوا خبرة قتالية وحروب الشوارع والمهارات الحربية، واستعمال أحدث الأسلحة والتكنولوجيا والفنون القتالية ودراسة طويلة لاحداثيات الأهداف، ودراسة خطط ردود الأفعال المتوقعة وفق إمكانيات الدولة الهدف، وهذا المسار يختلف حول العمليات البدائية الانتحارية سابقا.
وهذه الخصائص تميزت بها عمليات الموساد في التخطيط والدعم والتمويه واستخدام المحترفين وليس المتطوعين مثل عملية قتل محمد المبحوح في دبي والمهندس التونسي محمد الزواري صاحب مشروع تطوير طيارات بدون طيارة لحماس.
ويمارس الحرس الجمهوري وحزب الله والمخابرات الدولية صاحبة الخبرة، ومدرسة في تدريب قطاع كبير من المتطرفين ولعل العملية الإرهابية في تركيا في أزمير أمام المحكمة كانت عملية مزدوجة تبدأ بتفجير ووجود خلية موازية يبدأ عملها بعد انتهاء التفجير لأسلوب الهجوم المسلح، ووجود سيارة أخرى مزودة بأحدث الأسلحة الحربية القاتلة، وتحديد مواقع الهجوم ومواقع احتياطية وعدم تبني العملية إلا بعد هروب العقل المدبر والمحافظة على الخبرات القيادية لاستثمارها في عمليات أخرى.
وهناك منهجية أخرى بقدرتها على عقد الصفقات مع الأجهزة الأمنية في بعض الدول المجاورة مقابل تسويات أو الإفراج عن المعتقلين الأعضاء معهم بالمقايضة، وعقد الصفقات حتى مع المخابرات المعادية، وواضح أن هناك تسوية متفقة مع الموساد وإيران وبعض والدول الغربية مع هذه التنظيمات المتطرفة، وهذا يقتضي وضع إستراتيجية جديدة بمفهوم التخطيط الإستراتيجي والتكامل بين الأمني والسياسي والإعلامي، تقوم على تقسيم فرق للمسح الكامل للمنطقة عند وقوع أي حدث، وتلقائيا البحث عن أهداف أخرى محتملة وعدم الارتباك السياسي والإعلامي وتوزيع الأدوار بذات الحدث.
وتقسيم المنطقة الى مناطق عمليات منفصلة وادارة مركزية للموقف وربما تقوم الحاجة في هذه المرحل على الاستعانة ببعض المناطق الحساسة بأفراد قوات خاصة عسكرية محترفة قتاليا، ومنهم أفراد العمليات الخاصة المؤهلين والمدربين على القتال الحربي، وتفعيل الموطن الأمني من خلال حملة إعلامية بكافة وسائل الإعلام التقليدي والاجتماعي.
من خلال فكرة الخط الساخن للتبليغ عن أي شيء مشبوه والاعلان رسميا عن توفير ضمانة سرية معلومات و المصدر صاحب المعلومة، وتكثيف حملات وسائل الاتصال الحديثة في كل وسائل الإعلام، وخصوصا في المحافظات وحملات توعية للمواطنين بسلوك المواطن، وما هو مطلوب منه عند مشاهدته شيء مشبوه.
والأهم التوعية بالية التعامل أثناء تعامل الجهاز الأمني والقوات المتخصصة مع الحدث لتلافي خسائر مدنية نتيجة الحماسة الوطنية للمواطن، ولعل تجربة الكرك حاضرة في الذهن، والأهم وجود خلية أزمة تشكل من كافة المؤسسات الأمنية والاستخبارات العسكرية والحكومة، وتوحيد الرواية وسلطة إصدار القرار.
ووجود خبرات محترفة إعلاميا للتعامل مع وسائل الإعلام الاجتماعي والتقليدية بطريقة محترفة وبشكل متواصل لقتل الإشاعات، والقفز عن أسلوب مرحلة الثمانينات بإعلان موعد متأخر لمؤتمر صحفي، ويكون بعد أن انتشرت الإشاعات وتحققت الإثارة في وسائل الإعلام الاجتماعي وهذه بعض الدروس.
وأيضا تطوير برامج التدريب لأعضاء الأمن العام المنتشرين في الشوارع لطريقة التعامل وعدم الاندفاع، والحاجة أحيانا لقطع الاتصالات و النت داخل المنطقة مباشرة، وإيجاد وسائل لتمرير المعلومات وفق الرؤية الأمنية تبعا لطبيعة الحدث والحضور القوي لوزراء الاختصاص، ومنع حمل التلفونات مع قوات الاشتباك الأمنية، وخلق دور جديد لأجهزة الاستخبارات بالتواصل مع المواطن من خلال التوعية والتواصل من خلال ممارسة الإدارة الامنية السياسية والإعلامية.
وربما حان الوقت للتفكير بتجربة وجود ناطق رسمي للمؤسسات الأمنية يوازي الناطق الرسمي باسم الحكومة لتقديم معلومات أكثر دقة ونوعية وحذرة في ضوء ما يخدم العملية الأمنية، وبما لا يشوش على إدارة العملية الأمنية والتي كثيرا ما يفتقدها الناطق السياسي وقدرته على التعبير عن مجريات واحداثيات العملية، وهي تجربة عالمية تقوم على تطور الأحداث والأخطار ومقتضيات المرحلة القادمة والتفكير بنظرية تقوم على التمرير للإعلام عن انتهاج الأجهزة الأمنية لمبدأ التسويات مع الأشخاص الذين تم تورطهم وتجنيدهم، وتقديم الحماية وأسلوب المكافأة المالية وهو أسلوب عالمي بالإعلان عن مكافأة لكل من يبلغ عن أية معلومة مشبوهة.
وتأهيل فراد الاجهزة الامنية في المحافظات بالتدريب والتأهيل من كافة الصنوف والوحدات بالتدريب والمحاضرات والتأهيل والتسليح، والتعامل الحرفي مع وسائل الإعلام الرسمي والخاص وتوضيح خطط التعامل في المحافظات وعقد خطط تنسيقية مع الدرك والأمن العام والوقائي وإدارة مكافحة المخدرات، والاستعانة لفترة معينة بعناصر عسكرية احترافية.
وببساطة يجب أن تمارس الدولة سلوك حالة الطوارئ الناعمة دون مساس بالحريات والثورة التكنولوجية تعظيم الاستفادة من معلومات الأجهزة الأمنية المتنوعة الأخرى، ومنها الأمن الوقائي و مكافحة المخدرات والأمن العسكري في المناطق الساخنة.
وحفظ الله الوطن وقيادته وجيشه وشعبه واجهزته الأمنية وسياجه الوطني الجيش العربي، وأدام نعمة الأمن والاستقرار في هذه البقعة الطاهرة أردننا الغالي قيادة وشعبا وترابه الطاهر، وكل ما سبق لا يغني عن تفعيل استراتيجية مكافحة التطرف فكريا وسياسيا وثقافيا واعلاميا وشبابيا ودينيا التي وجدت ولم يتم تفعيلها حتى حينه من قبل الوزارات والهيئات الحكومية وما زلنا ننتظر خططها التنفيذية لا النظرية.
باحث في شؤون التطرف والشباب