أبطال مواقع التواصل الاجتماعي
عبدالله وشاح
07-01-2017 06:43 PM
سنحت لي الفرصة قبل ايام بالتعرف على أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال دعوة لأحد الاصدقاء المقيمين في المملكة العربية السعودية، حيث اقام الأخير دعوة عشاء على شرفه، وكعادة أي عامل في المجال الاعلامي، قمت بعمل بحث عنه للتعرف عليه قبل لقائه.
حقيقة الأمر اصابتني حالة من "الشيزوفرانيا" وانا احاول فهمه، ففي كل خميس كتب على صفحته دعوات لمتابعيه بالاستمتاع ب "خميسهم"، وقضاء اوقات ممتعة مقترحاً لهم اماكن سهر في العاصمة عمان، تعددت بين مطاعم خمس نجوم، ونواد ليلية و "ديسكوهات"، اما في صباح كل جمعة فكان يحثهم على قراءة سورة الكهف والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، خاتماً نصائحه الايمانية بالدعاء له ولوالديه.
وعن الايام المتبقية من الاسبوع تنوعت "البوستات" بين فكاهة تارة، وبين رأي سياسي تارةً اخرى، ولا بد من ابداء الرأي "الرمادي" بقضية تشغل الشارع الاردني في حينها، معرجاً على قضايا اجتماعية ليضع لها انصاف حلول او حلول لا تمت للواقع بصلة.
وفي يوم اللقاء شاءت الاقدار بأن اكون أول الواصلين لأختلي به، مستغلاً انشغال "المعزب" بالتحضير للوليمة، لأنهل من علم هذا "الجهبذ" صاحب الاف المتابعين، وحاصد مئات الالاف من "اللايكات"، وبعد السلام والتهنئة بالعمرة، نزلت اولى الصاعقات على رأسي، بعد ان وصف الطواف ب "اللفة"، والسعي ب "الركض"، وعن اعتقاده السابق بأن رمي الجمرات أحد اركان العمرة!!
ومنعاً للأحراج، قمت بتغيير الموضوع من الدين الى الأخلاق بعد ان قمت باستغلال استشهاده بحديث: "خير البر عاجله"، فنوهت له بأنه قول مأثور لابن عباس، فتحدثت قليلا عن اخلاق ابن عباس رضي الله عنه، الى ان فاجئني بأنه يعتقد بأن هذه الصفات تعود للقمان الحكيم واصفاً اياه بالنبي، فأخبرته بأنه ليس بنبي وانما كان عبداً مملوكاً اوتي الحكمة، فصمت قليلاً وقال: "تعددت المذاهب، والمهم كل واحد منا يحترم مذهب الآخر".
بدأ المدعوون بالوصول وما ان يسلموا على "الجهبذ" حتى ترى الاحضان الحارة و"القهقهات" العميقة تملأ المكان، رغم انهم مثلي لا يعرفونه الا من خلال جدران "الفيسبوك" و "تويتر" و "الانستغرام"، وتوالت الاسئلة عن حال الاردن الاقتصادي والسياسي، واخر يسأل عن علاقاتنا مع دول الجوار حتى خُيِل الي للحظة انه وريث ناصر جودة، وعن الفساد وتهديد المفسدين له، أسهب، حتى كدت ان ارى عليه بردة "روبن هود"، مستخدماً كلمات "انجليزية" في غير مكانها الصحيح.
وفي نهاية اللقاء تم اخذ الصور التذكارية كالعادة، وطلبوا من صديقنا عمل "لايك" او "ريتويت" لهم، الا انه تنصل من ذلك بلباقة قائلاً لهم ممازحاً: "على البوست بأخذ 500 دينار وعلى الريتويت واللايك 250 وعندي عقد يربطني مع شركة "س" ممنوع اعمل هيك الا بموافقة خطية منهم".
بعد هذا اللقاء، وبعد ما شاهدناه من تعليقات على استشهاد معاذ الكساسبة، ومقتل ناهض حتر، واحداث اربد والكرك، ومباراة الفيصلي والوحدات، وتفجيرات اسطنبول، اقولها بصراحة: غيّرت رأيي، اصبحت مؤيداً لوضع تشريع يضبط عمل هذه المواقع، ولكن بحدود مواجهة التطرف وخطاب الكراهية وإثارة النعرات العنصرية والاباحية.