تناهى إلى مسامعي – وليس كل ما اسمعه صحيح – أن مجموعة من الخراف التركية يقدر عددها ب 1500 خروف كانت قد تداعت في اجتماع حاشد على وليمة فخمة أقامها كبيرهم في احد السهول الرعوية وذلك من اجل التباحث في العديد من الأمور المفصلية التي أصبحت تهدد حياتهم اليومية ومستقبلهم اليافع عبر تقديمهم قرابين على أبواب الميسورين من خلال زمرة من الجزارين العتاة، وبينما هم في ذلك داهمهم بعض الرعاة الموكلين بهم، فما كان منهم وبحركة لا إرادية وكنوع من الاحتجاج إلا أن رموا أنفسهم من المرتفعات بقصد الانتحار من مبدأ نارك ولا جنة هلي، وقد كانت المحصلة النهائية استشهاد 450 خروف فورا وتعرض الباقي للإصابات التي وصفت بأنها كانت بين خطيرة إلى طفيفة حيث نقل الجميع إلى مذابح الجزارين.

وكم كانت دهشتي لهذا السلوك الحيواني المستغرب وبت حيران في أمرها أتساءل عن سبب هذا التصرف والذي يعد غريبا في عالم الخراف التي لم تحفظ يوما أنشودة لحن الخلود بقدر حفظ الطريق إلى المسلخ، حيث من المعروف للجميع وخصوصا الحيوانات، أن الحيوان يقاتل بشراسة دفاعا عن حياته أمام أي خطر قادم إليه عظم شانه أم قل، أما أن تقوم تلك الحيوانات بالانتحار فهذا اعتقد والله اعلم من علامات الساعة .

ترى ما هو السبب الذي دفع بتلك الخراف إلى الانتحار؟

هل هو نقص في إمدادات العلف الذي أصبح سعره بالعلا لي وذلك باختصار عدد الوجبات إلى واحدة وتقليل الكميات - الصيام الإجباري - تضامنا مع المربين الذين يعانون نقصا في الإمدادات العلفية؟

أم هو وسيلة احتجاجية على فواتير المياه التي أصبحت ترهق كاهل المربين الذين عملوا على سقاية الخراف بالتنقيط؟

أم هو احتجاج على تقنين الإضاءة ليلا بسبب ارتفاع شرائحها حيث أنها ليست من الفئات المستهدفة مما حرمهم من مشاهدة العديد من المسلسلات الهادفة؟

أم هو احتجاجا على نقص إمدادات التدفئة في الشتاء بسبب الارتفاع الشديد في أسعارها مما أدخلهم في بيات شتوي إجباري؟

أم تضامنا مع الفقراء وهربا من آخرتهم التي تكون على موائد الأغنياء ثم إلى حاويات النفايات ؟

أم هربا من سكين المسلخ خشية الذبح على يد غير طاهرة والتي لم تفكر بالطهارة أصلا كونها ملطخة بدماء خراف سابقين لهم؟

أم هو بسبب عدم وجود جمعيات تدافع عن حقهم بذبح نظيف لخروف عفيف أسوة بدول العالم المتقدم؟

أو لعله هربا من اغتصاب عشوائي من قبل مجموعة من الكباش- الممحونة - والمتسلطة عليهم صباحا ومساء؟

ربما قد يكون هربا من آلية الحلب المتبعة والمتعبة في آن واحد؟

في الجانب الآخر شاهدت قبل سنوات عدة، برنامجا تلفزيونيا عن عالم الحيوان، تحدث فيه المقدم عن ظاهرة غريبة مارستها مجموعة من الحيتان، حيث أقدمت هذه الحيتان وعلى شكل مجموعات بالانتحار الجماعي وذلك من خلال قيامها بهجر أوطانها( البحار) والنزول إلى الشواطئ - ليس للاستجمام - في حركة احتجاجية لم يسبق لها مثيل، أما سبب الاحتجاج فلم يعرف للآن .

هل من الممكن أن يكون هربا من أزمة متوقعة الحدوث تهدد مستقبلهم وأبنائهم بعد أن جهدوا كثيرا في تحقيق مكتسباتهم، عجبا ! انه عالم الحيوان الذي مهما حاولنا أن نسبر في أغواره فلن نعرف عنه إلا النزر اليسير من إسراره، حيث أن لكل امة وحضارة طريقتها الخاصة في التعبير!!!!!!

kalilabosaleem@yahoo.com