عمون - حديث الفريق محمود فريحات قبل ايام فتح الباب لتحليلات وقراءات بعضها اقترب من الدقة وبعضها كان فيه نوع من الخيال السياسي، لكن من اهم ما كان من ردود افعال داخلية او خارجية ان هناك تحولا في الموقف الأردني من النظام السوري والأزمة السورية ، والبعض اطلق على حديث فريحات انه تعبير عن استدارة أردنية نحو النظام السوري ...فهل هناك تغيير أو استدارة اردنية ؟!!

1-إن جوهر حديث الفريق فريحات لم يحمل اكثر من تأكيدات وتجميعاً للموقف الأردني من تفاصيل الازمة السورية او حتى من ايران ، وما ذكره من حزام إيراني في المنطقة ينسجم مع المخاوف الأردنية من تزايد النفوذ الإيراني وما حذّر منه الملك قبل سنوات من هلال شيعي .

2-إن الأردن لم يقطع علاقته مع النظام السوري منذ بداية الازمة، رغم ان كثيرا من الدول العربية فعلت ذلك بل ان بعضها منحت السفارة للمعارضة ، وبقي السفير السوري في عمان يعمل حتى تم إبعاده لأسباب تتعلق بسلوكه السياسي وليس تخفيضا للتمثيل الدبلوماسي ، والسفارة الأردنية في دمشق مازالت سياسيا موجودة حتى وان تعطل الامر لأسباب امنية .

3-إن الأردن لم يكن من معسكر السعي لإسقاط النظام السوري وكان جوهر الموقف الأردني الدفع بالحل السياسي، وما ذكره الفريق فريحات عن تنسيق مع ضباط سوريين امر لم ينقطع، ومعلوم خلال سنوات الازمة تماما مثلما هناك تنسيق مع بعض المعارضة على الحدود ، والغاية حمايه المصالح الأردنية .

4- أما اشارة الفريق فريحات الى بقاء الحدود مغلقة الى حين عودة ما اسماه رمز الدولة السورية وهو الجيش السوري فهو امر يعلمه النظام السوري جيدا منذ سنوات ، لان التعامل الحدودي له أصول واستحقاقات في عبور الأشخاص والبضاعة ، وبالتالي فان الأردن رفض التعامل مع تنظيمات على الحدود وأغلقها منذ ان تعرضت لهجمات غابت بعدها الدولة السورية عن الحدود .

5-ربما تكون لغة فريحات اكثر وضوحا وجعلت ما يقول يتحول الى رسالة واضحة، لكن جوهر الموقف بالمجمل ليس جديدا ولا يحمل اي استدارة جوهرية، لكنه اعادة صياغة تفاصيل الموقف وإعلانه بشكل تفصيلي هو ما تم ، وهذا ما جعل البعض من البعيدين عن التفاصيل يرى في الحديث تحولا او استدارة .

6-ربما علينا ان نتذكر ان المحدد الأساس للموقف الأردني هو المصلحة الأردنية والحفاظ على الأردن من آثار أزمات الإقليم ، وان الأردن اقترب من سوريا من خلال التحالف الدولي لغايات الحرب على داعش والارهاب ، وهذا كان جزءاً من حمايه المصالح الأردنية بما في ذلك تدريب بعض أبناء العشائر السورية لقتال داعش، وهو امر معلوم وتحدث عنه الملك اكثر من مرة.

7- وأخيرا فان حديثنا عن المضمون لا يتعارض مع التقدير للحضور الإيجابي والمتزن للفريق فريحات وهو ظهور قد يكون رسالة لمن واجبهم - من أهل السياسة - الظهور لكنهم بعيدون عن اداء هذا الواجب .