تعد الدبلوماسية الأردنية مضرباً للمثل بانضباطها في التعبير عن خطط وسياسات المملكة، ونموذجاً يدرس في طرق الحزم تارة والمراوغة والتحايل تارةً أخرى، وهذا لا يعيب الدبلوماسية والسياسة بشيء، كونها بالواقع لعبة مصالح، ولا شيء سوى المصالح.
اتسام الأردن في الفترة الماضية بعدم الانحياز، والعمل بالخفاء مع البعض، انعكس ايجاباً على استقرار المملكة، إلا أن قواعد اللعبة حالياً اختلفت، فقد تغيرت التحالفات و انقلبت الطاولة على العديد من شركاء المملكة في المنطقة، فبعد أن كانت دول الخليج جزءاً اصيلاً من الأزمة السورية، باتت الآن على الهامش، وبعد أن كانت تركيا عدوة لروسيا، صارت اليوم الحليف "الانتيم".
علاقاتنا الوثيقة بدول الخليج توصف حاليا بالجيدة جداً – فيما عدا قطر-، وعلى الرغم من أننا جزء من التحالف الإسلامي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، وناهيك عما يقدمه الأشقاء في دول الخليج من مساعدات للمملكة، الا اننا بحاجة الى المزيد من اللحمة "بضم اللام أو بفتحها" فالأمر سيَان، فدخول أعضاء جدد للتحالف مثل السودان والمغرب وباكستان، وعودة سلطنة عُمان ولبنان بعد شرودهم لفترة، شتت من المساعدات والدعم الخليجي للمملكة.
فتور العلاقات مع دول صديقة مثل روسيا وتركيا وشقيقة مثل لبنان ومصر خلت من أي دبلوماسية معلنة، الا على القليل من البرقيات والاتصالات على استحياء، وانسحاب أمريكا المؤقت من الشرق الأوسط، وتركيز بريطانيا على اقتصادها الداخلي، سيؤثر حتما على دورنا المقبل في الخارطة السياسية التي "تطبخ" على نار وقودها السُّنَة والمعارضة سواء في العراق او سوريا.
وجود ضباط ارتباط أردنيين مع نظرائهم من الجيش السوري، وفقا لتصريح رئيس هيئة الأركان ليس بالأمر العجيب كما وصفه البعض، فمثل هذه العلاقات والتنسيق الأمني موجود بين جميع دول العالم، ولا يعني بالضرورة التقارب السياسي، فنحن لا نزال عدواً لدوداً بعين إيران حليفة سوريا الأولى.
الجولة المكوكية لوزير الخارجية قبيل انعقاد القمة العربية، قد تعود بثمار جيدة على المملكة في حال تم استغلالها الاستغلال الأمثل، للعودة كلاعب اصيل في شؤون المنطقة، ولو كانت في عهد حكومة دولة عبد الله النسور الرجل المحنك ب “DNA” لكانت النتائج أفضل بلا شك، لذا على دولة هاني الملقي الرجل المزاجي سريع الغضب، تغليب المصلحة العامة وتوكيل المهمة الى اصحاب الخبرة، وان كان بينهم عداوة، هذا في حال بقائه في منصبه بعد عودة جلالة الملك من زيارته الخاصة.