يحسب الناس أن بإمكانهم أن يصولوا ويجولوا في موقع «فيسبوك» فيكتبون كما يشاءون، دون حساب أو عقاب، وهذا اعتقاد خاطىء تماما، رغم «التطمينات» التي تضمنها تقرير فيسبوك نصف السنوي حول «الطلبات الحكومية للحصول على المعلومات» والذي يغطي النصف الأول من العام 2016 . ويتضمن التقرير معلومات مفصلة بالأرقام عن الطلبات التي تقدمت بها جميع حكومات العالم للحصول على معلومات عن المستخدمين أو بياناتهم .
وعادة ما تطلب هذه الحكومات أو سلطاتها القضائية معلومات مثل اسم المستخدم، تاريخ الاشتراك، رقم المعرف الخاص بعنوان المستخدم (الآي بي) بالإضافة لمحتويات الحساب . كما تقوم الحكومات بتقديم طلبات لتجميد معلومات أو محتويات حسابات معينة لحين الانتهاء من التحقيقات، و كذلك معلومات عاجلة تتعلق بمنع حدوث جرائم أو إيذاء بدني أو موت .
يظهر التقرير أيضا أن طلبات الحكومات عموما ارتفعت بنسبة 27% حيث وصلت إلى 59229 طلبا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي .لكن إدارة فيسبوك التي تطبق إجراءات متحفظة، كما تقول، لا تستجيب للطلبات إلا بعد تدقيق وتمحيص، وهي بحسب تقريرها لا تتعامل إلا مع الجهات الرسمية و القضائية، ضمن معايير تشدد على احترام حقوق الإنسان .
يؤكد فيسبوك في تقريره أنه لا يمنح الحكومات أي «باب خلفي» للدخول إلى الحسابات أو الولوج إلى بيانات المستخدمين السرية. و لكنه يحتفظ بلقطات (سنابشوت) بعد تمحيص الطلب والتأكد من تمتعه بالمعايير القانونية التي يعتمدها فيسبوك، بالتعاون مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني .
تظهر المقارنة بين طلبات الدول العربية (معظمها تراوح بين طلب وطلبين تم رفضها ) وبعض الدول الأوربية وتركيا، أن السلطات القضائية في الدول الأوربية وتركيا أنشط بكثير في عدد الطلبات، و في المقابل كان فيسبوك أكثر تجاوباً مع هذه الطلبات. فعلى سبيل المثال تقدمت تركيا ب 993 طلبا تم الاستجابة ل 80% منها ، وكذلك إيرلندا التي تقدمت بـ 89 طلبا وتم الاستجابة لـ 65% منها . وكل هذا يشير إلى ضعف «التواصل التقني» للأجهزة الحكومية والقضائية العربية مع منصات التواصل الاجتماعي العالمية. وعلى الجانب الآخر تؤكد إحصائيات التقرير و أرقامه على قلة ثقة فيسبوك في هذه الأجهزة وعدم اكتراثه لطلباتها القليلة للولوج إلى معلومات المستخدمين وبياناتهم!
الباب الخلفي لفيسبوك، متاح أكثر مما هو متوقع، لولوج آخرين، لا شأن لهم بقوانينه، فبإمكان قراصنة محترفين ذوي خبرات قد تفوق خبرات مبرمجي فيسبوك، اللعب بخصوصيات البشر، دون استئذان، ما يؤشر على انعدام أي خصوصية، في شبكات التواصل الاجتماعي، وليس في فيسبوك فقط!
الدستور