فوجئ الكثيرون مثلي في الأيام الماضية ببعض النخب والكتاب يدافعون عن الفساد والمفسدين بأساليب غير مباشرة وتحت عناوين وحجج وأفكار لعل أبرزها اغتيال الشخصية، ودقة المعلومات ،وتشويه الصورة ،والاغتيال السياسي، واتقوا الله في أعراض الناس... وما الى ذلك من هذه العناوين والأفكار التي يحسبون من خلالها أنهم قادرون على القيام بمهمة الدفاع هذه، ومع احترامنا للمخلصين من أولئك الذين يقصدون هذه الكلمات في معناها ولأهلها الحقيقيين فان البعض الأخر كان له هوى وغاية ومقصدا وهي كلمات حق وعبارات صحيحة استخدمت في غير محلها يراد بها الدفاع عن قوى متنفذة وأخرى مجتمعية تقف في وجه مكافحة الفساد والمفسدين رغم ان البعض من هؤلاء تأخذه الحماسة او الإرضاء في عناوين الأخبار والإعلام وآخرين قد يكونوا مقتنعين بها فعلا، وبعيدا عن الاسترسال في واقع هذا الحال وما آلت إليه...فان هذه العبارات والكلمات قيلت لنا وقراناها في الأيام الماضية بشكل مكثف ومستغرب ..؟!ان الفساد والمفسدين لا يحتاجون الى من يدافع عنهم فهم كما قال لي يوما احد كبار الفاسدين المفسدين عندما كان في موقع المسؤولية: ان الفساد معادلة معقدة يخيطها بحبكة متقنة عباقرة يستحقون لقب الحيتان لقدرتهم على إخفاء الفساد وابتلاع ثماره والتملص من العقاب وتلبيس تهمة الطعن و الافتراء والإزعاج للمقابل الذي كافحهم او اتهمهم بالفساد او وفر معلومات او أدلة على فسادهم..

وعندما سألته ما أنجع السبل لمكافحتهم إذن ؟ قال لي (بعد ان ضحك قهقهة تدل على معنى ليس خافيا على احد) ؛ لا بد ان تضع خطة دفاع محكمة تحمي نفسك أولا قبل ان تحاول مكافحة او مهاجمة حيتان الفساد والمفسدين...

دولة رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت دخل التاريخ من أوسع أبوابه ليس من باب كونه أصبح رئيس حكومة وحسب فرؤساء الحكومات في التاريخ كثر ولكن ما قاله بجرأة وصراحة غير مسبوقة وهو ما زال في موقع المسؤولية وعلى رأس عمله حول مكافحة الفساد والمفسدين وإقراره " ان قوى متنفذة وأخرى مجتمعية تقف في وجه مكافحة الفساد والمفسدين " وانه ومع ذلك سيستمر في تحويل من تتوفر عليه أدلة او معلومات الى القضاء والجهات المختصة...

شكرا دولة الرئيس من عمق مواطن يعرف بعض ما يجري ويقف عاجزا عن فعل شيء لان عباراتك تلك وضعت النقاط على الحروف ورفعت المعنويات بعد أحابطها وعدلت الاتجاه بعد ان زل الطريق ، لان المواطن يريد من يشجعه على تقديم المعلومة والدليل على قضايا الفساد والمفسدين ليكون عونا للدولة ومؤسساتها، لان الدولة وأجهزتها المعنية بحاجة الى من يعطي المعلومة أولا كطرف خيط يساعد الجهات المختصة في التحليل والتحقيق.. وإذا رفع في وجهه ( أي المواطن او المسؤول النظيف ) سوط الخوف وتهمة الافتراء واغتيال الشخصية والإزعاج و...فلن يفكر في تقديم المعلومة مهما صغرت او كبرت خوفا من المجهول القادم الذي يتهدده او يهدد حياته او رزقه .. عندها سيلجأ للمثل القائل " نام وريح راسك ما دام ... وقاعد عليها " .

drmjumian@yahoo.com
خلوي/0799881373