تفاهم المعنيون بالأزمة السورية على وقف اطلاق النار, دون وجود الولايات المتحدة, ودون العرب في هذه التفاهمات. وقد بلغ الروس القمة في جمع الاضداد-بما في ذلك الحكومة السورية والمعارضة-وشارك الروس وتركيا على حساب ايران والنظام, لكنهم قبلوا عزل الاكراد السوريين عن أي دور لهم في المعارضة أو الموالاة.
والترتيب الروسي مع كل نجاحه في لملمة مئات الممزقين في احزاب سوريا وحولها, الا انه يبقي, بطريقة أو بأخرى, دوراً للرئيس الاميركي القادم ترامب, شرط أن يبقى على رأيه في الرئيس بوتين, وسياساته في شرق اوروبا وسوريا, ودوراً لمصر رغم صعوبة العلاقات المصرية-التركية, وأدواراً لا ينص عليها اتفاق وقف اطلاق النار, للاردن ولاسرائيل, وخاصة في توصيف «جبهة الجنوب».. فيما اذا كانت ارهابية أو غير ارهابية.
التوليفة الروسية لوقف اطلاق النار ما تزال غير قابلة للتفصيلات.. لأن الشيطان يكمن في التفاصيل. لكنها تشهر نجاحات مميزة منها:
- هيمنة تركيا على المعارضة السورية بكل اطيافها ما عدا داعش.
- قبول ايران بدور اقل اهمية لقاء التهويم ببقاء نظام الاسد، ولو لمدة يمكن ان تحتاجها «السلطة الانتقالية» او وزارة الحكم الائتلافي المناط بها وضع دستور جديد وانتخابات نيابية ورئاسية فايران الان مشغولة بمشكلين: داخلي نتيجة انهيارات اقتصادية وصراع المعتدلين والمتشددين، وخارجي بانتظار ما يمكن ان تكون عليه سياسات الرئيس الاميركي الجديد في معاهدة 5+1 النووية، وامكانية وقف تمددها في العراق وسوريا ولبنان واليمن واختصاره على الجبهة العراقية.
لقد كان اردوغان طيلة السنوات الماضية ينفخ في قربة مقطوعة، لانه من جهة يحاول كسب اوروبا والولايات المتحدة لسياساته، ويحاول من جهة اخرى عدم اغضاب الاتحاد الروسي، الى ان اتخذ خطوة التصالح مع بوتين اثر اسقاط الطائرة الروسية، والتمثيل بجثث الطيارين، فاردوغان الان مع روسيا، لان تحالفها لا ثمن له طالما ان ترامب ليس معاديا.
ومع انه طرد داوود اوغلو صاحب نظرية «صفر مشاكل» مع الجوار، واوروبا والجميع إلا انه يعود اليها بعد المصالحة مع اسرائيل, والاقتراب اكثر من السعودية. وبقيت من معادلة الصفر علاقات اردوغان بمصر.
في ازمة مركبة كالأزمة السورية تبدو الامور كعاصفة تشرين, تتجمع فيها المشاكل ثم يهطل المطر المبكر فتنحل اكثر المشاكل.
لا نراهن كثيراً على نجاح وقف اطلاق النار.. ولكننا نراهن على معادلة تحديد هدف اطلاق النار بحيث لا يبقى الجميع يطلقون النار على الجميع.
الراي