-1-
هو إنسان مستقيم بمعنى الكلمة، سجله في الإخلاص نظيف تماما، اختارها من دون خلق الله كي تكون شريكة حياته، ليس لديه ما يخفيه عن زوجته، يعطيها محفظته، وهاتفه الخلوي، وكلمة المرور، وبريده الإلكتروني، يتعامل معها بمنتهى الشفافية، وبالطبع لها منتهى الحرية بتفتيش جيوبه، وتفقد منفضة السجائر في سيارته، وهي لا «تبخل» عليه بكل ما يلزم لتنغيص حياته، وإحالة كل حركة له، مقصودة أو غير مقصودة، إلى شك وعراك، بدعوى أنها تحبه، وتغار عليه من نسمة الهواء، طبيعة عمله تقتضي أن يتعامل مع نساء، وقد يتصلن به في البيت، أو قد يسافر في مهمات فيها نساء، إن حدث هذا فـ «ليلته سوداء» بلون القطران، أكثر من هذا، ولأنه شاب وسيم، أجبرته على إعفاء لحيته، كي يبدو مُسنا، حاول بكل الطرق أن يقنعها أنها المرأة الوحيدة في حياته، وأنه لا يرى من النساء غيرها، وفتح لها كل مغاليق حياته، ومع هذا يسكن الشك قلبها، ويتحول بشكل شبه يومي، إلى سكاكين تمزق سكون حياتهما!
التشخيص الفوري لمثل هذه الحالة، لا علاقة له بالحب، فالحب براء من هذا المرض، والمشكلة الكبرى هنا، ترفض السيدة الفاضلة أن تصنف حالتها بكونها مرضا يستدعي مراجعة الطبيب، وكما هو معروف، فإن عدم اعتراف المريض بمرضه، بل اعتقاده أنه سليم تماما، يعقد الأمور ويبعد الشفاء، لأن الاعتراف بوجود المرض، وتشخيصه، نصف العلاج، فكيف بها وهي تعتقد أنها سيدة سليمة، وكل ما هنالك أنها تحب زوجها، وتريد المحافظة على بيتها وأسرتها من «بنات الحرام»!!
-2-
الغيرة .. هل هي دليل حب وحرص أم مرض، علينا أن نقصد الطبيب لمساعدتنا على الشفاء منه؟
الغيرة في مستوياتها الطبيعية، التي لا تحيل الحياة إلى جحيم، سلوك بشري عادي، ومن لا يشعر بالغيرة، إما أن لديه مخزونا طاغيا من الثقة بشريكه، وبالتالي فهو لا يبدي غيرته «ع الحامي والبارد!» أو أنه لا يهمه أمره من حيث المبدأ، فلا يعنيه من سلوكه شيئا!
أخطر أنواع الغيرة، الغيرة المرضية، حين تتحول إلى هلوسة، تحيل حياة الشريكين إلى ساحة نزال، غالبا ما تنتهي إما بالانفصال، أو الجنون، وبالطبع، من أعراضها الجانبية الخطيرة، أنها تشجع الشريك على خيانة شريكه، ما دام محل شك أصلا، سواء كان مخلصا أو غير مخلص!
-3-
هي لا تعرف حتى الآن، أن بنات الحرام، سيجدن طريقهن إلى «فارسها» الشهم، حتى ولو تسلحت بكل أسلحة الغيرة والشك، هذا إن أراد الفارس أن «يلعب بذيله» ولن تحميه غيرتها من أن يفعل ما يريد، إن أراد!
فما الحل؟ سألني الفارس العزيز، هل أطلقها؟ بالطبع، ثمة قبل الوصل إلى مرحلة الانفصال حلول، أولها أن تشفى المرأة من هواجسها، إما بفعل ذاتي، وقرار شخصي، أو «الاستعانة بصديق» والصديق هنا، هو الطبيب النفسي، أما إذا استمرت فيما هي فيه، فستجد نفسها وقد هدمت عش الزوجية عليها، وعلى «أحبابها»!
الدستور