facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المصري يتحدث عن الحكم الرشيد والدولة والمعارضة والنقد والديمقراطية


28-12-2016 12:23 PM

عمون - فيما يلي نص محاضرة طاهر المصري بعنوان " الحكم الرشيد والدولة والمعارضة والنقد والديمقراطية في الأردن " بدعوة من منتدى العصرية :

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الحضور الكريم..


أبدأ بإستنكار الأعمال الإرهابية التي قام بها نفر من الظلامين تجاه أمن الوطن وتجاه سلامة المواطنين . وأوَكدُ أن الشعب الأردني يقف متماسكاً يداً واحدة وصفاً متراصاً في المُلمات . وأحداث الكرك ما هي إلا مثال من أمثلة كثيرة وقف فيها الشعـب مع نفسه ومع وطنه ، وبالذات مع الأجهزة الأمنية . ونعتز أيضاً بوقفة أهلنا في فلسطين معنا منددين بالإعتداء على أمننا وفقداننا أرواحاً بريئة . ولم يعد ممكناً لأي كان أن يُشكك بعد الآن بهذه الحقائق أو أن يستغلها لأغراض خاصة .



أترحم وإياكم على أرواح أؤلئك الشهداء ، وندعو الله أن يرحمهم وأن يحمي الأردن من كل مكروه . وفي محاضرتي اليوم سوف نتحاور معاً حول ما هي أفضل الطرق لحماية أمن البلد في مداه القريب والبعيد .

سادتـــــي ،
أقف أمامكم اليوم لأدلي برأي موضوعي ليس حباً في التنظير ولا طمعاً بجاه أو مال ، بل لأننا جميعاً نقف في مواجهة مفتوحة مع الحاضر والمستقبل على حد سواء . ومسؤوليتنا جميعاً أن نتصدى للتحديات التي تواجهنا في بناء وطننا وإنقاذه . ولا أرى في منظومة الحلول الإستراتيجية التي يمكن أن تساعدنا على النجاة ، غير أن نُؤمن أولا بأن التعبير عن الرأي وقول الحقائق والكشف عنها وتقديمها للمواطنين وللجمـــهور ، لا يتم إلا باعتماد مبدأ الإفصاح الكلي . وعلينا واجب وطني هو الكشف عن مواطن الخلل وبواطن الضعف والتعامل معها باعتبارها حــالات مـــرضية تستوجــب العـــلاج فـــوراً . وشعـــــاري " الشفافية " " والحرية سقفها السماء " اللذان طرحهما جلالة الملك ، يجب أن تترجم على أرض الواقع لا أن تبقى شعاراً بلا مضمون . وبغيــر ذلك فان الصمت في هذه الحالة ليس فضيلة من ذهب ، بل جريمة من نار وجحيم .
وقد آن الآوان لكي نعمل على مراجعة شاملة وجدية وعميقة للسياسات المتبعة . ويجب كشف ملابسات وأسباب ما يحدث في مجتمعنا الأردني الذي يتأكل تماسكه ومتانته ، وبدأنا نواجه مشاكل واجهتها بلداناً عربيةً عديدة ، حين حُرم بل قُمع فيها الأفراد والجماعات الوطنية من إبداء الرأي الصـــادق ، فجرى ما جرى عندهم من صراع ودمار .


أيها السادة الكرام..
نعيش في الأردن ظروفاً لا تخفى على أحد ولا أظن أننا نملك ترف التفاؤل غير المحسوب في نتائج المستقبل . فخلال الأشهر القليلة الماضية ، وقعـــت أحداث إرهابية متنوعة الأساليب والأسباب ، مرتكيبوها أردنييون ، وأثرت أعمال العنف هذه بسمعة الاردن . وتزامنت تلك الأعمال مع وضع اقتصادي ومالي أصبحت فيه كل المؤشرات الإقتصادية سلبية . وبالأمس كان صندوق النقد الدولي يحذر من ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة سنة 2017 ، نتمنى النجاة منها ، وكشفت تصريحات وزير المالية ومناقشات أعضاء مجلس الأمة ، حقائق وأوضاعاً مالية واقتصادية تنذر بالخطر . كذلك أظهرت موازنة الدولة للعام 2017 مدى دقة وصعوبة الوضع المالي . وأصبح سائداً عند الناس ، إن أحد أهم أسباب إنحراف الشباب هي البطالة وقسوة الحيــاة المعيشية وإنغلاق آفــاق المستقبل أمام هؤلاء الشباب ، وأكرر ما قلته سابقاً بأن خطر الجوع هو أقسى وأخطر من خطر الإرهاب وأزيد بأن داعش لا تصنع الإرهابيين . فالإرهــاب ينشأ في المجتمع لظروف معيشية في الغالب ، ويجد من يحتويه ويشجعه وتتلقفه داعش وتجنده . وأول من أمس أعلنت داعش الحرب على الأردن ، في بلاغ غاية في الخطورة والقسوة . كما لا يخفى على احد منكم ما الذي يحيط بنا من حزام النار ، ومن الحدود التي نخسر فيها الجيرة الهادئة والآمنة .
- ففي شمالنا دولة بكاملها تنهار ولا يبقى منها غير ما ترونه من الإنقسام والدم والقتل والخراب والتقسيم المتوقع .
- وإلى الشرق منا ، في العراق تعرفون كامل تفاصيل الحكاية..

- وفي الجنوب في المملكة العربية السعودية تواجه هي الأخرى تحديات استراتيجية ومصيرية غاية في الصعوبة والخطورة ، وهي حليفنا اللصيق بنا ، وترون كيف تدفع السعودية ثمن كل هذا الخراب في المنطقة والإقليم .
- وفي حدودنا الغربية في فلسطين لا يبدو المشهد بكامل تفاصيله يقودنا للتفاؤل أو حتى لمجرد الذهاب لبناء وصناعة سيناريوهات قد تحمل في جوانبها بعض الأمل .
- ومصــر الأم قد تتحول الى دولة فاشلة بعد الذي جرى لإقتصادها ولعملتها الوطنية ، وما يتبع ذلك من تداعيات قد تعصف بأمنها الإقتصادي والإجتماعي .
- وفي كل هذه الظلال تبرز القوى المتصارعة الأخرى في جغرافية اوطاننا ، أمريكا واسرائيل وتركيا وايران وروسيا ، وقبل اولئك كلهم شذاذ الأفاق والمرتزقة والقتلة الذين تم تجميعهم في سوريا والعراق ليخدموا مشاريع التخريب بإشاعة الدمار والموت والقتل على الهوية وعلى الدين وعلى الإسم تحت مسميات شتى وذرائع نعرف بعضها ونجهل جلها.
ولا احد منا يمكنه التكهن الى أين ستنتهي بنا المسارات المستقبلية . والأردن في رحم كل هذا الواقع يبدو الناجي الوحيد والبوصلة المتماسكة التي لا تزال تحافظ على عهدها ووحدتها وكينونتها .
السيدات والسادة الكرام
يقول جلالة الملك في ورقته النقاشية الرابعة :
(ما أوّد التأكيد عليه هنا هو أن الاختلاف في الرأي والمعارضة البناءة الملتزمة بهذه الممارسات ، والتي تبني مواقفها على أساس الحقائق والوعي ، وليس الانطباعات والإشاعات أو الاعتبارات الشعبوية ، تشكل أحد أهم الوسائل التي يعبر المواطن من خلالها عن ولائه للوطن ) .

 


هذه الجملة البنَّاءة تمثل بالنسبة لي روح الحياة السياسية والنهج الديمقراطي الذي نسعى لبنائه وتعزيزه . وهي تجمل ما اود التطرق إليه تلميحاً وتصريحاً في هذه المحاضرة . فالإختلاف في الرأي والمعارضة البنَّاءة التي تستند الى مبدأين هما : الحقيقة - الوعي ، تشكل ابرز وسائل بناء الوطن واهم تجليات الولاء الوطني .
في كل تفاصيل هذه الخريطة المأساوية ، وفي ضوء هذه الافعال الإرهابية التي تغزو مجتمعنا ، والعنف المجتمعي والجامعي الذي أصبح يشكل ظاهرة خطرة ، علينا ان نجدد دائما أنفسنا ونراجع مسيرتنا حتى نبقى سابقين للاحداث وواعين لنتائجها . إن قوتنا الحقيقية تتجسد في تقوية بناء الدولة وأساسها احترام الدستور نصاً وروحاً . الدستور الذي يوزان بين السلطات الدستورية . وكذلك من خلال تمسكنا بوحدتنا وبوطنيتنا الأردنية الجامعـــة الشاملة وتمسكنا بترسيخ الدولة المدنية ، دولة المواطنة . كيف لا ونحن نرى ان انهيار الأنظمة المحيطة بنا تنعكس اولاً واخيراً على المواطنين ، وإن من يدفع الثمن هم الشعب بكامل مكوناته . ومن المفيد أن نذكر أن تقارير ذات تأثير ومصداقية صادرة عن شخصيات ومراكز دراسات في الولايات المتحدة ، تدعو إدارة الرئيس المنتخب ترامب إلى الربط بين الارهاب والاصلاح في العالم العربي ، وعن ضرورة إجراء إصلاحات عميقة فيه . وبناء عقد اجتماعي جديد وعصري ، يكرس قيم المساءلة ، ويدمج الشرائح الاجتماعية في الحياة العامة ، ويعزز المؤسسات المدنية ، ويحد من مشكلة الفساد المستشري ، وإقامة الحكم الرشيد . ومن المفترض أن كل ذلك سيؤدي إلى إستقرار المجتمعات وإزدهارها ، وإلى توسيع الطبقة المتوسطة . وهذا سيؤدي حتماً إلى ضمان الأمن .


اقـــول ذلك وانا ادرك تماماً إن ما نعيشه هذا الأوان ، وما نمر به من عصبيات مؤذية إنما هي نتيجة التأويل الخاطيء والتفسير المصلحي لآراء ومواقف النخب الأردنية والسياسيين تجاه السلوكيات والمشاريع الحكومية السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نراها تنجح تارة وتخفق تارات اخرى .
ليس من نافلة القول التاكيد على ان المشكلة الأساسية التي تواجهنا هذا الأوان وفي مستقبلنا القريب والبعيد على حد سواء ، هي في كيفية ان تكون شريكاً في بناء هذا الوطن ، بمعنى ان تكون شريكاً في الغنم والغرم على حد سواء ، وان تكون شريكاً في الرأي والنقد ، والمشورة والعمل ، وان تتقاسم الربح والخسارة ، لا أن تكــون رهنا بدفع فاتورة الخسائر صاغراً مجبراً ، وعندما تسأل لماذا أكون كذلك ، تصبح هدفاً للتحطيم والاتهام ، وكأن بعضاً من الحكومات وكثيراً من المسؤولين لا يريدون منك غير القيام بدور واحد فقط ، وهذا بالتأكيد دور لا يجيده الأردنيون ولا يرغبون القيام به . أما المشكلة الأخرى فهي أن بعضاً ممن يعملــون في الحقل العام ويشاركون في صناعة القرارات ، لم يعد يشعرون بضنك الناس وبؤسهم ويدافعون بدون وجه حق على أي قرار حكومي .

 


أيتها السيدات والسادة الكرام..
من المؤكد ان البعض سيسأل ما الذي أريد قوله هنا ، وأجيب بإختصار ، لأؤكد لكم على ان نقد الحكومات لا يُخرج صاحــب النقد من وطنيته ، ولا يخرجه من ولائه لهذا الوطن . وهو لم يمارس هذا النقد ويذيعه في الناس إلا لأنه يشعر بالمسؤولية تجاه الوطن وتجاه المجتمع ، ولقناعته بأن هذا دوره وهذه وسيلته في النصح والتعبير . ونحن مجمعون على ان التغيير باللسان والقلم هو أضعف الإيمان ، والمقصود هنا هو التغيير والإصلاح بالنصيحة والمشورة وبتلاقح الأفكار ، وبالحــوار البناء والمسؤول ، وليس بالطــرق الأخرى التي يعلو فيها الصراخ ، وتتناثر فيها الإتهامات ، وتتعدد فيها التوصيفات والتصنيفات . ويمارس فيها الحرد السياسي أو المقاطعة السياسية . فهـــذا مُوالٍ بدرجة امتياز ، وذاك معارض بدرجة امتياز . فليس بمثل هذه العقلية وبمثل هذه السلوكيات تدار الدول ، وتساس الشعوب ، وتُبنى الديمقراطيات . ولا يمكن ولا يجوز أن يكون القرار في هذه المرحلة المصيرية ، حكراً أو قسراً على حلقة ضيقة من المسؤولين ، ولا يجوز أن تصاغ التشريعات بالتلقين .

 


هذا هو عين ما قصده جلالة الملك في ورقته النقاشية الأولى حين قال :
( قد نختلف لكننا لا نفترق ، فالحوار والتوافق واجب وطني مستمر‪ ، التواصل والتعبير عن الآراء في المجتمع الديموقراطي يرتبط بالتزام مبدأ الاحترام مع حق الاختلاف في الرأي ، في ظل سعينا للوصول إلى حلول توافقية . أما تنوّع الآراء والمعتقدات والثقافات في مجتمعنا ، فقد كان على الدوام عنصر قوة ، ولم يكن عامل ضعف أبداً ، وإن الاختلاف لا يؤشر على وجود خلل ، وليس شكلاً لانعدام الولاء ، بل إن الاختلاف المستند إلى الاحترام وهو دافع للحوار ، والحوار فيما بين أصحاب الآراء المختلفة هو جوهر الديمقراطية ، والديمقراطية هي الأداة التي تجعل من الحلول التوافقية أمراً يمكننا من المضي إلى الأمام ). ‪‬‬
حقاً إنه كلام في الصميم ونوافق عليه وفيه تماماً ، وهي عقيدتنا كمواطنين في مجتمع لم يعرف غير التسامح فضيلة يستند اليها ، إلى جانب إحترام التنوع داخل صفوف الإختلاف مع السياسات ، وليس على من يصنــع السياســات . فالأشخاص متغيرون والثابت هو الوطن والشعب والدولة والملك ، وهذه ثلاثة اقانيم تشكل روحنا الأردنية ، فلا نختلف معها ولا نختلف عليها إلإ بالقدر الذي يسمــح هذا الإختلاف لنا التنافس في تحقيق مفاهيم الولاء والوطنية .

 


جملة ( قد نختلف لكننا لا نفترق ) تشمل في معناها وممارستها الحاكم والمحكوم ، وليس طرفاً واحداً . وعندما يُعلن شخص ما او هيئة عن رأيٍ ما أو موقفً ما ، فإن من واجب المواطن الواعي أن يمارس النقد أو المعارضة ، ويتوخى أدب الحديث والمخاطبة ، وان لا يُعرّض أمن البلد إلى خطر أو يثير صراعات كما يجري حالياً في الشرق العربي . إن عواقب عدم تجاوب المسؤولين مع متطلبات الشعب أمر خطير . وكلما تجاهل الحاكم متطلبات الناس ومطالبهم السلمية ، كلما إزداد إحتمال حدوث العنف في المجتمع . كذلك فإن عدم إكتراث المواطن بضـــرورات الأمن والاستقرار التي يجب مراعاتها عند إدلائه برأيه ، هو امر خطير أيضاً . ( مثلاً ) أنا ملتزمٌ بموقفٍ إصلاحي واضح وعلني وكتاباتي ناقدة وتشير إلى ذلك . ولكنني أراعي أن لا يكون موقفي يعتمد على أفكار أو سياسات قد تضر بالإستقرار والأمن الوطني . ويجب أن يكون خطي متوازناً أمام الرأي الضاغط على صاحب القرار ، ولكن بدون أن يــؤدي ذلك إلى إحداث صراعات أو يثير فتنة من أي نوع كان .



أيتها السيدات والسادة الكرام..
إن إحدى أبرز المشكلات التي تواجهنا تتمثل في ظهور عادات وممارسات اجتماعية غير مرغوب فيها . وأغلب الظن أن بعضاً من هذه الممارسات ما حدثت إلا بعد أن أختل التوازن بين السلطات الدستورية الثلاث وأصبحت السلطة التنفيذية المهيمنة على عمل السلطات الأخرى الأمر الذي أفرز مفهوم النفاق والتملق الاجتماعي وغطت تلك الفئات نشاطها بالإستعانة بإعلام غير مهني . وأفرزت هذه الطبقة عادات اجتماعية غير مرغوب فيها ، منها مثلاً النفاق الاجتماعي والسياسي الطاغي بكافة مظاهره مما أدى إلى إخراج بعضٍ من المجتمع الأردني البسيط والصادق عن أصوله ونقائه .
ولم يشهد المجتمع في تاريخه مثل هذا التدهور في الوضع الذي أصبح الانسان فيه لا يعرف حقيقة موقف الآخر ، أهو صادق في كلامه أو موقفه ، أم أنــه مجامل أم هو منافق . وأصبح المال السياسي عنواناً بارزاً للممارسة السياسية ، بل أن النفاق أصبح مصدراً للارتزاق . إن ما نراه في بعض وسائل الإعلام من نفاق سياسي أجتماعي قّزم كل مفاهيم الولاء والصّدق . وشجع المجتمع على أن يتغنى بأشياء لا يملكها .
أقول هذا بكل وضوح وصراحة لأنني أؤمن بوطني وبالشعب وبالدولة ، ولا هي عقيدتي ومسلكي ان ينثني الإنسان على نفسه ويترك الآخرين المهمشين من الســـواد الأعظم من الأردنيين البسطاء الفقراء الذين يزدادون فقراً ، وتعباً ، وإرهاقاً . ومع ذلك لا يزالون يؤمنون بوطنهم وبدولتهم وبنظامهم . وللأسف الشديد فان كثيراً من قيمنا قد بدأت تفقد معناها في بعض المجتمعات العربية ، ولا نقبل أن يكون هذا واقع الأردنيين ، فلا إخال احداً ينافسهم في حب وطنهم وولائهم له ، وتفانيهم لأجله .


أيها السيدات والسادة الكرام..
لقد كشفت أحداث الكرك جوانب إيجابية من حياة المجتمع وإنتمائه ، وكشفت أيضاً نقاط ضعف عديدة ، يجب أن لا نخفيها قبل أن نفتح الجرح وننظفه . وأقول للمسؤولين أن الدنيا تغيرت ولا يمكن طمس المعلومات أو منعها . وقد شرحت ذلك مراراً وتكراراً في السابق . وها هي الأيام تثبت ذلك . والبيان الصادر عن داعش أمس لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير . ونحن بذلك البيان نكون قد دخلنا مواجهة مباشرة معهم .
أدعـــوكم مراراً وتكراراً للتدقيق جيداً في الخارطة السياسية والطبيعية لإقليمنا ، وللتدقيق جيداً في الأوضاع المعيشية في الأردن لتدركوا حجم التحديات التي نواجهها، وحجم المصاعب الجمة التي ترافقنا حتى في تفاصيل حياتنا اليومية البسيطة . وانا هنا لا ادعوكم للتخلص من الخوف على مستقبلنا بالقدر الذي احثكم فيه على مواجهة هذه التحديات بروح المواجهة وصلابــة المجابهة ، وبروح التحدي القائم على الإحترام ، والخلاف القائم على أدب الاختلاف ، وبالحوار الجليل المحترم مع الآخر ، وبذلك نستطيع تجـاوز هذه المرحلة الأخطر التي نعيشها وسنعيشها ، وبغير ذلك فإن استسلامنا لسياسات الوضع الحالي Status quo سيعني حتما هزيمة مشروعنا الوطني الأردني الديمقراطي وعندها ــ لا قدر الله ـ سنذهب نحن ايضاً إلى المجهول الخطر .
مرة أخرى أقتبس مما قاله جلالة الملك في ورقته النقاشية الثانية عندما اكد على ايمانه :
( بأن أحزاب المعارضة بحاجة إلى بلورة أعراف مماثلة تحكم آلية التعاون فيما بينها من أجل مساءلة الحكومات وعرض رؤى بناءة بديلة (كحكومة ظل) . ولا شك أن دور المعارضـــة هــذا يشكل أحد عناصر النجاح لتجربة الحكومات البرلمانية ).

 


سادتــــي ،
لقد اقتبست لكم بعضاً من الآراء والمبادىء التي احتوتها الأوراق النقاشية الست ، وهناك اتفاق كامل على أهمية ودقة وشمولية الأفكار الواردة فيها وعلى ضرورة تنفيذها باعتبارها تمثل مفهوم ومعنى الحكم الرشيد وتمثل العقد الاجتماعي المتجدد بين الشعب الاردني والعرش الهاشمي . وهذه المبادىء صادرة عن رأس الدولة ورئيس السلطة التنفيذيــة . ويتساءل الناس : كيف يمكن أن يكون هذا الفرق الشاسع بين منهــج جلالة الملك وقناعاته وسعيه لإقامة الحكم الرشيد ، وواقع الحال على الأرض وفي الممارسة ؟ هل هناك خلل ؟ أين هو ولماذا لا يعالج ؟ إنني أعتبــر أن مجمل المفاهيم وفلسفة الأوراق النقاشية خاصة الأخيرة ، يمكن إعتبارها مرحلة جديدة في حياة الأمة وكل الظروف مهيئة للتعامل مع هذه الأفكار . لذلك ، وحتى يصبح هذا العقد الاجتماعي معتمداً عند كل الأطراف ، يجب أن تبدأ الحكومات بإتخاذ الإجراءات الفعالــة لوضع هذا البرنامج وهذه الأفكار موضع التنفيذ . فهي صاحبـــة الولاية العامة . ومن الواجب والمنطقي أن يقوم كل طرف بالإلتزام بما هو مطلوب منه . إذ ليس من المعقول أن تنشر هذه الافكار فقط ، بل يجب وضع خارطة طريق واضحة المعالم حول تنفيذ هذه المبادىء ، إن ادوات الحكم التنفيذية كما هــي حالياً ليست على قدر من الاستعداد للسير في تنفيذ هذه المبادىء ولا تتوفر عندها الإرادة السياسية أو صفة الإستمرارية . إن نقلة نوعية بهذا الحجم توجب أن يوضع لها خارطة شاملة تتضمن وضع الخطط والقوانين إضافة إلى ضرورة توفير مبدأ الإستمرارية ، فهي مهمة متوسطة الأجل وبعيدة المدى . ولكن علينا أن نبدأ الآن ، الكرة الان في ملعب السلطة التنفيذية وواجب الحكومات هو أن تحافظ على مصداقيتها والأكثر من ذلك هو المحافظة على مصداقية النظام .


شكراً لكم .





  • 1 ضياء 29-12-2016 | 12:55 PM

    الشكر لسعادتكم ,ونترحم على الشهداء ونحتسبهم عند الله تعالى. لنتذكر الأحياء من أبناء الوطن الذين يعيشون بين المطرقة والسندان,بين الحكومة وخدماتها الوزارية الفقيرة,وبين رجال الأعمال ممن لا زالوا يتعاملون مع أبناء الوطن على أنهم شعب غني ولم يكن هناك دور حقيقي وفعلي منهم للدعم أو حتى للتخفيف من التضخم الإقتصادي سوى من فئة قليلة فقط. فأصحاب الأموال يتناسون أحيانا بأنهم أصحاب قرار ويمكنهم المساهمة في خفض نسب البطالة وخفض تكاليف معيشة المواطن بخفض أرباحهم قليلا.تذكرو,فإن رأس المال الحقيقي هو المواطن


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :