ذات ضحىً أردني قريب، وفجر كركي ليس ببعيد ، نهض الأردنيون على وقع نبأ ، ما صدَّقوه ابتداءً، بأن الفئة الباغية أخطأت طريق جهادها " المزعوم" ، لتجد نفسها في مواجهة رجال ، نصبوا خيامهم في جنوب العز و الكرامة بلا عمد ، و ما مدّوا أيديهم يوماً إلى أحد!.
منذ " الهيّة "، و منذ أن نودي فيهم "حنّا كبار العرب "، عرف هؤلاء الرجال طريقهم ، طريق الوطن الوعر " وعورة " النشامى في الدفاع عن وطن الذين "حلفوا" أن يبقى واقفاً مدى الزمان؛ كي لا يُدنِّسَ ترابه الحاقدون، و أولئك الذين اعتادوا ركوب موجات "السمسرة " و ارتياد طرق " السرسرة"؛ لأنهم و إن وسّعوا الميدان يوماً لأفراحهم ، فإنهم ما نَسُوا أن يوسِّعوا ميادين شهادتهم ، ليبتلَّ الثرى الأردني بدمهم من العقبة إلى عقربا و من الدُّرة إلى الطّرة ، و لأنهم " ربعٌ " سرى فيهم رائدهم و الحدا يضبط إيقاع قلبه على وقع
" شد الركايب يا ولد
لا يرتخي مسمارها
أبوك قبلك ما يهاب
يفرح إن شبّت نارها"
إنهم قوم ما عرفوا إلا " درب " الحق و الحقيقة ، صهيل خيولهم رافق السحاب صدى و لامس الأرض ندى ، و سيرتهم ما هي ببعيدة عن الاعتصام بحبل من الله و حبل من جنوب الرجال ، جنوب القلب و مهوى أفئدة النشامى ، الذين صاح شاعر الفتح فيهم :
" إذا قيل خَيل الله يوماً ألا اركبي
وددت بكفِّ الأردني انسيالها".
و ما نشميات الحمى الأردني ببعيدة عن " هقاوي " النشامى ، و قد زغردن و أنشدن ، يوم غوى الفاروقي و في نار الكرك هوى ،
" صخر يا صخر
يا كاسر الطوابير ".
إنهنَّ " خوات " الرجال ، لعيونهن و لجدائلهن و لصباحاتهن الأردنية ، المضمخة بلون الورد و الدحنون و السنابل ، نادى الأردنيون يوماً :
" يا سامي باشا ما نطيع
ولا نعد رجالنا
لعيون مشخص و البنات
ذبح العسكر كارنا".
إنهن نشميات الأردن ، كما رجاله ، الذين ما تأخروا عن وطنهم يوم يناديهم ، فيأتي رجع صوتهم من بعيد " أسود صباح العدا يوم عليهم شين"!.
كذلك سوَّد " سائد " و " خوياه " صباح/ ليل المارقين ، الذين خانوا وطنهم و أهلهم ، إنهم " ربعٌ " ما إن يمت فيهم سيدٌ قام شهمٌ آخر يفدي وطنه و يُبشِّر " خوياه " بأن الله معنا ، و تهزج أمهاتهم في أعراس شهادتهم :
" بالهيل يا عود القنا بالهيل
كلهم ( نشامى ) و مبرشمين الخيل".
لم يهابوا " دعقة " المعركة و إنما شدّوا على الباغي ، شدَّة " عيال العمّ اللي توفي الدين" ينشدون درب الشهادة و الشهداء الأوائل " زيد و جعفر و عبدالله " و الصحب الطيبين " قدر و صخر وابن ربّاع و قاسم و علاوي و عودة و وصفي و معاذ و راشد و..." و
" منزلهم بأرض الشفا عن المطامين
و ماهم من اللي ينزلون تلاعه".
صحبك يا " سائد "و " نمر " يتطلعون إلى العُلا و الكرامة شامخين ، غير هيّابين ، مدركين أنّ الشهادة " صيدة " الأحرار ، أما " الأنذال" فتحوم عليهم المنايا دار بدار !.
سلامة الوطن و أهله صنعها " سائد " و صحبه ، بدماء ما تلت يوماً إلا سورة الحديد و الدم و صهيل الخيل على مدارج النخوة و الكرامة !.
سلام على شهداء الكرك .
سلام على الوطن و أهله .
سلام على الملك و جنده .