ما زلت أذكر وجوه وإبتسامات الطلبة وهم يصطفون في إستقبال موكب المغفور لهما الملك
حسين وبصحبته الرئيس حافظ الأسد ، وكلما أقترب الرجلان تعلو الصرخات هاتفة ( شعبٌ واحد
لا شعبين ) ... وما زلت أذكر فرح الناس هنا في الأردن وهناك في سوريا وهم يعبرون الحدود على الهوية فقط
....
وما زلت أذكر فرح القوى الحدودية في كلا الطرفين وهم يسهلون عبور الناس ( المُسهلةُ )
أصلاً ...
وما زلت أذكر أيضاً إدعوات الجميع وهي تبتهل بان لا يجعلها الله (جمعة مشمشية ) مع أن
جُلَ الهدايا التي كانت تجلب من الشام هو المشمش الشامي الُمعطر ...
يقولون سوريا والأردن تربطهما صلة رحم ، ولا رحم أخصب من حوران ، السوريون والأردنيون
يأكلون من لقمة واحدة تُقطع من رغيف واحد يعجن من قمح واحد يحصد من حقل واحد أسمه حوران
، أرض تتسع لأفق واحد ومزاج واحد ولهجة واحدة أسمها حوران ...
ونقول سوريا عمق ومدى للأردن ، والأردن أفقٌ وسماءُ لسوريا ... ،
ليس من أردني لا يذكر رائحة دمشق الياسمينية ، وليس من سوري لا يعشق جبال عمان
وياسمينها الذي إنشق من قرمية واحدة مع ياسمين دمشق ... مَن لايذكر أغانينا في الأعراس
، رجالٌ يتمايلون بالحداء ونساء من الأعماق تردد
( شدّوا على الركايب ياخواني لا تونّى على ديار الحبايب سوريا ياوطنا ) ...
في كل مدرسة أردنية يتماحك رجلان ، أحدهما خريج دمشق والأخر خريج القاهرة ، يتماحكان في
العلم والشعر والوطن وسفالة الغزاة ،..... مَن منا لم يتعلم من خريجي دمشق الحرف
والفكرة والإنتماء ... ، فكلما ضاق علي العربي وطنه لا متسع له الاََّ دمشق ..
الذي اثار فيَ هذا الشجن ، كتابات بعض كتاب الأعمدة في الصحف الأردنية وبشكل دوري ، قد يقولون إننا نهاجم الحكومة! وليس الشعب ، وكاننا شيدنا جمهورية إفلاطون نحن
والعرب أجمعين وبقيت سوريا تلوب وحدها تائهة ... ،
ماعلينا إلاَ ان نحزن على بلوسي قائدة الكونغرس الأمريكي كيف تاهت ووجدت نفسها أمام
الرئيس السوري ، مسكينة بلوسي لم تهتد الى مقالات المدافعين عن الديمقراطية في سوريا ،
... ولا ننسى المبتدئين ( بيكر وهملتون ) وهما ينصحان رئيسهم بأن يلتقي السوريين عله
يجد مخرجا .
وأنا كأردني أقول بالفم الملأن ( الأن وليس غداً) بأنه لا إنفكاك لنا من علاقة مميزة مع
سوريا ، ولا مناص لسوريا من علاقة مميزة معنا ، وشعبٌ واحد لا شعبين .
faisalzouby@gmail.com