حين طالب مفكرون في الغرب باخراج عقوبة الاعدام من القانون وبالتحديد آرثر كوستلر في بريطانيا والبير كامو في فرنسا لم يكن الشرّ قد استشرى الى هذه الحد، ولا ندري ما الذي كانا سيقولانه عن أب فخخ طفلته كي تتحول الى فحم بشري بعد اداء المهمة القذرة ! او عن ارهابي ذبح بدم بارد خمسين انسانا ولا يشعر بالندم !
ان اعدام قاتل مع سبق الاصرار والترصد هو نصف العقاب او ربما اقل من ذلك، لأن ما يجب اعدامه هو الثقافة التي افرزت كل ذلك السم بحيث جردت القاتل من آدميته، لهذا فإن الحرب ضد الارهابيين ليست هي الحرب ضد الارهاب، لأن الارهابيين اشخاص من لحم ودم، اما الارهاب فهو افكار وخرافات مدججة بالديناميت .
وهذا ما يقصده البعض عندما يتحدثون عن مستويين من المعالجات للارهاب، احداهما أمنية ميدانية وعاجلة، والاخرى ثقافية وتربوية على المدى الأبعد، وحين قال حمورابي في شريعته المبكرة العين بالعين والسن بالسن لم يكن قد رأى انسانا يحرق حيّا، او سفاحا ساديّا يشهر السكين المشحوذ على جهله ليذبح عائلة بكامل افرادها ثم يتصور انه بذلك حصل على تأشيرة دخول الى الجنّة .
وحين طالب البير كامو فرنسا بمنع عقوبة الاعدام في كتابه الشهير بعنوان المقصلة، كانت الحجة ان الواقع اثبت بأن القصاص بالاعدام لم يمنع من تكرار الجرائم لكن الزمن تغيّر كثيرا خلال نصف قرن، وأفرزت ثقافة التطرف العمياء نماذج حيوانية ذات اقنعة بشرية يقولون انهم لو اطلق سراحهم لأعادوا الجرائم ذاتها باصرار دون ان يرف لهم جفن .
الاعدام الجسدي على اختلاف الاساليب التي يتم بها قدر تعلق الامر بالارهاب لا يكفي، لأن ما يجب اعدامه بل ابادته بالمضادات الثقافية هو الجهل المسلّح !!
الدستور