مع اقتراب رحيل العام 2016 وقدوم آخر، تختلف الحال هذه المرة؛ إذ لا نحتاج اليوم إلى خبراء فلك يقولون لنا ماذا سيحمل العام الجديد.
التوقعات تشير إلى أن الأحوال الاقتصادية ستكون على أفضل حال، بحيث يستشعر الأردنيون رفاهاً طال انتظاره كثيرا. وذلك نتيجة قفزة في معدلات المداخيل وقرارات بالجملة بعدم زيادة الأسعار والضرائب، لدرجة تمكّن من توفير جزء منها. كما ستزيد فرص العمل عن الحاجة، حتى نضطر إلى استقدام مهندسين وأطباء ومحامين وممرضات للعمل في المشاريع الجديدة.
ويقول الطالع، أيضا، إن المعلمين الأجانب سوف يتنافسون على العمل في مدارسنا، لأن رواتب المعلمين لدينا زادت إلى الحد الذي صارت معه مغرية حتى لغير الأردنيين.
لا نحتاج إلى خبراء الفلك ليعلمونا أن الخطط والاستراتيجيات التي وضعتها الحكومات ستنجح أخيرا، وتبعاً لما سبق، في خفض معدلات الفقر، بعد أن قضت تماما على البطالة؛ فلم يعد من فقير وجائع في بلدي. وهو ما يعني تراجع أعداد المستفيدين من المعونة الوطنية، لأن المسؤولين علمونا أخيرا كيف نصطاد سمكة، بدل إعطائنا علبة سردين.
وبالنتيجة، سيزول همّ كثير من الأمهات ويفرح الآباء، بعد أن خرج أولادهم من صفوف العاطلين عن العمل، وباتوا منتجين قادرين على العطاء، فامتلكوا الفرصة، أخيرا، لرسم مستقبلهم وبناء وطنهم. فشبابنا سيعملون وينتمون لأحزاب سياسية تعبر عن توجهاتهم، بدل تفريغ طاقاتهم بالعنف والقتل والإرهاب.
وطبعاً، سيتغير المجتمع لدرجة تجعله يرفض بشكل مطلق الحطّ من قدر النساء. وسيحصل أبناء الأردنيات على الحق الأدنى من حقوقهم المدنية، ضمن تعديلات تطال كل التشريعات التي تميز ضد النساء. ولن يكون عطر النساء دنسا كما يظن البعض الآن.
في 2017، ستعمل النساء، ولن تجدَهن عاطلات أو معطلات من العمل ودورهن في بناء المستقبل لا يتجاوز نسبة مشاركتهن الاقتصادية المخجلة التي لا تزيد على 13 %. في العام المقبل، ستقف المرأة الأردنية إلى جانب أخيها الأردني، لإصلاح الحاضر والتحضير للمستقبل.
وحتماً، ستنتهي جريمة قتل النساء بداعي الشرف، بعد أن عُدّلت كل التشريعات التي تحمي المجرم. فالمادة 308 ستكون جزءا من ذاكرة سيئة للنساء، ومثلها مواد العذر المخفف التي ستصير نسياً منسياً.
وهذه المرة، لن نتابع شاشات التلفاز ليقول لنا الفلكيون إن تعاطي المخدرات، ومنها "الجوكر"، صارت جزءا من التاريخ ومن ذكريات الماضي الصعبة. كما لن ننتظرهم ليقولوا لنا إننا استعدنا منظومتنا الأخلاقية التي تكسرت في غفلة منا.
أما الإرهابيون الذين اختطفهم الفكر الظلامي، فسيعلنون التوبة ويعودون إلى رشدهم؛ فيتوقف القتل والدم باسم دين شوهه القتلة. فنحن لن نحتاج إلى من يخبرنا عن واقعنا الجديد طالما أن حكوماتنا وضعت خططا محكمة لتحصين المجتمع وشبابه وشاباته من خطر من اختطفهم؛ مرة في الجامع وأخرى في المدرسة، فيما كانت الحكومات غافلة عن مجتمع تركته ليواجه مصيره.
سنطمئن جميعا أن مستقبل أولادنا بخير ومكفول؛ لم لا؟! فالبيئة التعليمية تغيرت، والمناهج أيضا. ولن نشهد جدلا عقيما حول كتب أولادنا؛ ماذا نحذف وماذا نضيف، لأن الأمر اليوم بيد خبراء مؤتمنين على الأجيال المقبلة، يعرفون أن المجتمعات لا تبنى إلا بالعلم المفيد.
ولن يقلق الأردنيون ولن يغضبوا بعد اليوم؛ فالفساد، صغيره وكبيره، تبخر. ولم يعد هذا المفهوم في قاموس الأردنيين. ذلك أن الرقابة على أشدها؛ مجالس نيابية قوية، وإعلام مهني محترف مستقل، وتشريعات وقوانين تسود على الجميع، فكلنا مواطنون ولا فضل لأحد على آخر إلا بالعمل والإنتاج والسعي إلى بناء الوطن.
هكذا تقول التوقعات بشأن أحوالنا في العام 2017؛ فلا تقلقوا أو تسخطوا أو تغضبوا. لكن تذكروا دائما مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا"!
الغد.