لم يكن عيد الميلاد المجيد مظللا بالحداد والسواد كما هو اليوم. فها هويطل علينا، كئيبا حزينا يذرف الدموع، من هول الفاجعة التي تضرب الامة، وتجعل الرشيد حيرانا، وقد سيق الجميع الى صحراء اليأس بعد ان فقدوا الامل، او يكادون، وأصبح الضياع … نعم الضياع، هو عنوان المرحلة، وعنوان الحاضر، لا بل بدأ يرتسم على بوابة المستقبل كارثتان تحيقان بالمنطقة، لا تقل أحداهما خطرا عن الاخرى، ولا تقل الاولى سوءا عن الثانية، لا بل أصبحتا متلازمتين … وجهان لعملة واحدة …
الأولى: كارثة الاحتلال الصهيوني … وهي أم الكوارث، وأساس المصائب، فكافة الدواهي التي تضرب الأمة وعلى رأسها الارهاب، هي الثمرة الشيطانية للاحتلال الصهيوني، فهذا الاحتلال يمارس الارهاب… ارهاب الدولة … ارهاب المستوطنين، ويمارس العنصرية بأبشع صورها فيمنع المصلين من دخول بيوت الله، ويمنع بث الاذان عبر مكبرات الصوت، ويعتدى على الكنائس، ويستبيح المساجد، وفي مقدمتها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكنيسة المهد، كنيسة المناضلين: المطران كبوتشي والمطران عطاالله حنا، وينكل برجال الدين المسيحيين والمسلمين، ويحرق البيوت بمن فيها … وعلى من فيها … “ماساة عائلة الدوابشة، ويخطف الاطفال ويحرقهم ماساة “ الطفل ابو خضير”. ويكفي الاشارة بالم الى حصار قطاع غزة، وقد مضى على هذا الحصار الظالم عشر سنوات، حولت القطاع الى ساحة موت، وحولت أكثر من 2 مليون فلسطيني الى معتقلين محكوم عليهم بالموت البطيء، يعيشون كالحيوانات … بعد فقدوا كل اسباب ومستلزمات وشروط الحياة الادمية، كما قال الرئيس الاميركي الاسبق كارتر.
الكارثة الثانية: هؤلاء الخوارج … الارهابيين الذين يستبيحون العالم العربي من ادناه الى اقصاه، وقد وصلت امواج مدهم الجنوني الى العديد من دول العالم، فضرب هذا الارهاب تركيا، الاردن، مصر، تونس، المانيا، اليمن، الصومال، فرنسا، بريطانيا، اسبانيا، ايطاليا، اندونيسا، أميركا واستراليا … الخ، وهو يتجذر في افريقيا، وينذر بتحويل العالم … كل العالم الى ساحات للموت والقلق وفقدان الامن والامان بفعل الذئاب المتفردة.
الارهاب المجنون حول اعياد الميلاد من اعياد للأمل والحلم الجميل، الى أعياد مجللة بالحزن على الضحايا الابرياء، على الاطفال الذين استبيحت واهينت طفولتهم وبرائتهم فزنرتهم داعش والنصرة بالاحزمة الناسفة، بدلا من من ان تزنرهم بالفرح … بالملابس المزركشة الجميلة، بالورود، ليعيشوا على الامل وليس على الاحباط والحزن، ومعاشرة الموت، والنوم مع الدم والاشلاء.
ارهاب الخوارج بلغ ذروته عشية أعياد الميلاد المجيد، ما يؤشر لمرحلة خطيرة بعد ان طور من وسائله وادواته الاجرامية، فاستعمل في المانيا الشاحنات لدهس المواطنين الابرياء، الذين وفدوا الى سوق برلين للتسوق لعيد الميلاد، وقام بحرق جنديين تركيين معلنا الحرب على تركيا حليفته الاساسية التي فتحت الابواب لداعش واخواتها واقامت لها معسكرات التدريب، واشترت منها النفط المسروق … الخ، وها هو يحيل عواصم العالم واسواقها الى قلاع وثكنات عسكرية، ويدخل الرعب في قلوب الجميع.
الاحتلال الصهيوني وداعش ومن لف لفها، جللت أعياد الميلاد بالحزن واغتالتا الامل، الذي ترمز اليه هذه الاعياد، وبشر به سيدنا المسيح عليه السلام لانقاذ البشرية من الظلم والاضطهاد … من الفريسيين والعنصريين … من الذئاب البشرية.
في أعياد الميلاد المجيد نتذكر سيدنا المسيح، النبي العربي الفلسطيني، نتذكر اصراره على التصدي لاعداء الحياة،.لاعداء الامل والحلم، لليهود الذين ملئوا الارض جورا وظلما ونفاقا وفسادا، فنشروا الرذيلة، وحولوا المرأة رمز العطاء والتضحية والايثار الى عاهرة، ف “سالومي” لم تمت، ولا تزال تمارس الرذيلة اينما حلت، ولا يزال تلاميذ الخيانة والغدر … تلاميذ يهودا الاسخريوطي الذي وشى بالسيد المسيح، وغدر به، وتنكر لمبادئه … ولا يزال هؤلاء يدنسون العالم بخبثهم، وجرائمهم … وبغدرهم … وهم كثر في صورة نتنياهو وليبرمان وليفني العاهرة التي تجسد سيرتها المنحطة سيرة “سالومي” الفاجرة العاهرة.
باختصار …
في اعياد الميلاد المجيد، يعتصرنا الالم والحزن ونحن نرى الارهاب الصهيوني والداعشي يغتالان الامل والحلم الجميل، وينشران الموت والخراب والدمار … ولكننا واثقين ان النور سيهزم جحافل الظلام، ان عاجلا او اجلا وسيعم السلام الحقيقي …
لنردد معا:
المجد لله في الاعالي … وسحقا للارهاب الصهيوني والداعشي.
وكل عام والجميع بخير
الدستور