كتب: عمر حربي العشوش
إن الجرائم والمكائد الإرهابية الجبانة والغاشمة التي تعرّض لها الوطن تؤكد بشكل لا يقبل الشك أن الأردن في عين العاصفة والإرهاب ومستهدف ، و الوطن يتأثر بالصراعات والأحداث المتسارعة في الإقليم الملتهب ، ولا ينكر منصف أن الوطن مع كل محنة وجرح جديد في خاصرته يعود أقوى مما كان بفضل أجهزتنا الأمنية الحكيمة وجيشنا العربي الباسل وقيادة هاشمية ثاقبة نستلهم من معنوياتها وعطائها معاني التضحية والفداء لتراب الوطن الغالي الذي سيبقى عصياً منيعاً على مطامع الحاقدين والناقمين للأمن والسلام والإنجاز الذي ننعم به .
إن مسؤولية الدفاع عن الوطن لا تقع على عاتق الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة فقط ، فحماية الوطن مسؤولية مشتركة مع المواطن ومؤسسات الدولة جميعها بالدرجة الأولى ، فالمواطن هو أساس بناء الدولة ووعي المواطن بالأخطار والتحديات التي تُحدق بأمن الدولة ومنجزاتها وأطماع أصحاب الأجندات الإرهابية والفكر المتطرف أمر غاية في الأهمية .
ولطالما الجميع شركاء فإننا معنيون بالابتعاد عن سياسات الفزعة وردات الفعل في التعامل مع الأزمات والمعطيات، فالمطلوب خطط واضحة ومدروسة على المدى الطويل، لذا فإن مؤسسات المجتمع المدني معنية أكثر من أي وقت مضى في خلق خطاب ثقافي متوازن وبرامج ومبادرات قيمة لنشر وتحصين الشباب والمجتمع من الفكر التكفيري والضلالي والتصدي لظاهرة الغلو والتطرف وبيان صورة الإسلام الحقيقة ومحاولة بناء إستراتيجية وطنية تشارك فيها كافة الأجهزة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب في التوعية من مخاطر هذا الفكر الإرهابي المنحرف وآثاره على الشباب ، وتكثيف الأنشطة الجامعية اللامنهجية وسد الفراغ لدى الشباب من خلال العمل التطوعي والأندية واللجان الطلابية لبناء شخصية الطالب وفق منظور وطني وديني إيجابي ، وضرورة تأهيل وتدريب خطباء وأئمة المساجد وإعادة بناء خِطاب المسجد المتوازن ، وعلى الحكومة إعادة النظر في التعاطي مع ملفات التنمية والشباب تحديداً ومنها إشكاليات الفقر والبطالة والعدالة الاجتماعية ومكافحة المخدرات وتوزيع الفرص والتنمية وحماية الشباب من الاستبعاد والتهميش الذي يقود إلى التطرف والانعزال ويعزز حالة الاغتراب ، وتفعيل دور الإعلام و التلفزيون الرسمي في خلق برامج توعية تحاكي خطورة المرحلة ودقتها ، وضرورة استعادة دور الأسرة في تربية أبنائها على القيم الدينية المجتمعية المشتركة، وغرس التعاليم الدينية التي تركز على التقوى والأخلاق والمعاملة الحسنة وتجذير دور المدرسة أيضا كمؤسسة تنشئة للطلبة على مفاهيم الاعتدال والحوار وتقبل الآخر وبناء شخصية الطالب من خلال المناهج الدراسية المتكاملة وإعادة تأهيل المعلم والمرشد التربوي وتهيئة البيئة التعليمية المناسبة لوقاية الجيل من أخطار وتصدعات الأفكار السوداء والضلالية .
الثقة بقدرة ونجاعة الأجهزة الأمنية والجيش العربي متنامية ومتصاعدة لدى المجتمع في حماية الوطن ولكن الآمر المهم أن يكون المواطن شريك حقيقي وفاعل في واجب الدفاع عن الوطن ومنجزاته ولعل قوة وصلابة الجبهة الداخلية وتماسك الأردنيين صفاً واحداً يجعل الأردن قلعة حصينة ضد أي عدو أو مأرب ، وحفظ الله أردننا آمناً حرّاً حصيناً منيعاً .