أثر الإقصاء الإداري على مؤسسات الدولة
د.فايز الربيع
23-12-2016 01:50 AM
تعتبر الإدارة – عبر التاريخ – مفتاحا ً لنجاح الدولة – وعندما يكون النجاح محصلة جهد جماعي – يكون المناخ الإداري السائد حاضنا ً لكل الكفاءات .
قانونا ً و شرعا ً – لا يجوز تولية فاشل ليقود ناجح – فإضافة انه تدمير لمقدرات الدولة ، سلبا ً عبر التراكم الزمني – فإن العطاء و الإنتماء و الدافعية – وهي قواعد اساسية لنمو أي مؤسسة تتناقص مع الزمن
هناك عوامل عديدة تؤدي إلى عملية الإقصاء أولها الخوف من البديل فبدلا ً من ان يفتش الإداري القوي على أقوياء – يعينونه على الإدارة و تحمل المسؤولية – يبدأ بالتنفيش على الضعفاء – واللذين يؤيدون رأيه ولا يخالفون له قرار مهما كأن انعكاسه على المؤسسة – ويبدأ بخط موازٍ بإقصاء الأقوياء – اصحاب الرأي و الكفاءة – لإنه يشعر أنهم يشكلون خطرا ً شخصيا ً عليه – وتبدأ عملية الصراع – وبما أنه يملك القرار – -فهو لا يعدم الوسيلة التي تقنع من يملك معه القرار أو من هو أعلى منه – بضرورة احالة هؤلاء الموظفين على التقاعد .
في كثير من الدول – يفرح المتقاعد بتقاعده و يستمتع به . هو يعلم متى يتقاعد و يعلم انه سيكرم بعد تقاعده – كما انه سيحصل على امتيازات جديدة . وفي نفس الوقت ، فهو يعلم أن التقاعد ليس عقوبة . وإنما هو نهاية مرحلة وظيفية حصل فيها على حقوقه و قدم ما عنده بخلاف ما هو موجود عندنا في كثير من الحالات يقرأ الموظف اسمه في الصحف بأنه قد تم احالته على التقاعد ، و هو لم يستوفي ما استوفاه غيره – سنا ً أو خدمة – وهي قصص يتم تداولها عند الكثيرين ممن أصابهم هذا الضرر .
أعرف بعض المسؤولين يفتشون عند استلامهم مواقع يريدون من خلالها تعيين قيادات ادارية كفؤه لمديريات في وزاراتهم ، أنهم لم يعودوا يجدون المواصفات المطلوبة نظرا ً لإن الإحالات على التقاعد قد حصدت الكفاءات المطلوبة عبر سنوات .
اذا قلنا ان بعضا ً من اساسيات مشكلتنا الإقتصادية و التربوية و الإجتماعية و غيرها ادارية لم نجانب الصواب ، فالإدارة مفتاح للعمل السوّي و استغلال امثل للطاقات ، و اختصار اكثر للوقت و الجهد و المال .
لقد أثرت في مقالي السابق أثر الجهوية و الإقليمية على بنية المجتمع و هي تؤثر ايضا ً على العمل الإداري ، لأن اكتمال حلقة جهوية في الإدارة يتيح لها – أن تسهر في الليل – لتنفذ في اليوم التالي خطة ادارية لإقصاء شخص ما ، او تمكين أخر ، ليس لأنه من وقعت عليه عملية الإقصاء فاشلا ً – أو أن الذي يراد تمكينه كفؤا ً ولكن مقتضيات الحلقة و اكتمالها و المنفعة و ما يمكن أن تدره على المجموعة هي الأساس ، لقد تحدث جلالة الملك أكثر من مرة ربما اصاب الإدارة لدينا من ترهل و ما نتج عنها من اهمال و تقصير و تراجع في الوقت الذي زاد فيه الإنفاق على كل مجالات التدريب في الإدارة .
انها في النهاية قضية بشرية و قضية انسان و قضية وطن في كل ابعادها المتكاملة .