حينما تنأى بك الغربة بعيداً عن أرض الوطن ، تشعر أن ثمة علاقة طردية هناك بين الاغتراب المكاني والاغتراب القيمي لتوكيد الذات ، فالشيء لم يعد ذاته ، أو هو نفسه في الغربة .. ( الذات ) هي الأخرى تبحث عن ذاتها ..
تبحث عن إطار يتضمنها لا أن يلغيها ، تبحث عن مقياس يسجل أرقاماً ثابتة لكل قيمة إنسانية تؤكد صورتها المتمكنة في الوطن الأم ، وتطلقها على طبيعتها في وطن الغربة دون أدنى تغيير أو تحوير .
ولأني لست في وطني ... رأيت تجسيداً كاملاً لهذه العلاقة الطردية , رغم أن هذه العلاقة تثير الفزع في النفوس لما تختزنه من خطورة تهدد المحافظة على الذات …. فالشعور الذاتي بصرامة الغربة وضغوطها النفسية تجعل الذات قلقة في توازنها الى الحد الذي تشعر معه بعتبة الفرق بين كل مفردات الحياة ولو كان هذا الفرق ضئيلاً جداً .. الصورة هنا مرآة تعكس الواقع بما هو ، والى الذات بما تشعر . الغربة صعبة ... لان اول من عرفنا معنى للحياة هو الوطن, وحب الوطن مغروس فينا وتعلمنا من ابجدياته, كيف نفديه بكل ما نملك .
شعور خفي .. يجعلنا نشتاق للوطن ولترابه ونشتاق الى احبابنا واصحابنا وجميع الاهل والأقارب ... نشتاق للذكريات التي عشنا في عالمها القديم .. نشتاق الى الحب الذي انزرع في دواخلنا منذ الصغر .
الوطن... هو تلك الرائحة القوية التي تتمسك بثيابك، وحقائب سفرك ، ومسامات جلدك، في أي مكان تكون فيه على سطح الكرة الأرضية. ما يهون علينا غربتنا في الكويت ..
ناسها الطيبيين .. الذين سيكون لنا عنهم حديث آخر .
Zubi1965@hotmail.com
الزميل الزعبي في الكويت حاليا.