للأردن معادلة مختلفة ومعقدة في أمن الإقليم والعالم، وحين تتصاعد الأخطار بهذه الطريقة، يأتي السؤال طبيعيا، عما يمكن أن يفعله الأردن لمواجهة هذه الظروف، وما الذي يتوجب على الجوار العربي والعالم أن يفعله بالمقابل لهذا البلد؟!.
حين يمر الاردن بأسوأ ازمة اقتصادية، اضافة الى ازمة اللجوء بكل تعقيداتها وثقلها، ويواجه حدودا ساخنة مع العراق وسوريا، وتحديات الجوار مع الاحتلال، ورغبته بتصدير الازمات الى الاردن وكل المنطقة، ثم تداعيات ملف الارهاب داخل الاردن، ومن حوله وحواليه، فإن ادارة الموقف من الاردن بالطريقة ذاتها، يبدو امرا مثيرا جدا، فهي ادارة عالمية وعربية، من هذه الزاوية حصرا، ادارة بائسة ولا تقرأ كلف المخاطر على كل المنطقة.
يعتقد العالم ان الاردن يريد توظيف هذه الازمات، وتحديدا ملف الارهاب، من اجل المزيد من الارباح الاقتصادية، ومن اجل حقن اقتصاده المتعب، بالمال والمساعدات، وهذا اعتقاد غير صحيح، لان الاردن لا يتكسب من ازماته، ولا من ازمات الجوار، بالمعنى الذي يظنه البعض، لكننا ايضا، نعتقد بشكل جازم، ان ترك الاردن ضعيفا، وعلى الحافة، امر خطير جدا، وكلفته تتجاوز الاردن الى امن الاقليم بأكمله، بحيث تصل الكلفة الى دول عديدة.
ان ادارة العلاقة مع الاردن، بذات الشكل الذي كان قائما، ادارة تؤشر احيانا على عدم وجود حسن نوايا، اذ لا يكفي الاردن اليوم، الاكتفاء بتصريحات التضامن المعنوية، ولا حتى المساعدات المالية والعسكرية التي درجت بعض الدول على تقديمها، ولا بد من ادارة مختلفة تماما، تعبر اساسا عن معنى الموقع اللوجستي والأمني والعسكري والاجتماعي للاردن في الخريطة.
حوادث الكرك المرعبة التي جرت أخيرا، وقبلها عدة حوادث في عدة مواقع، تقول ان العام المقبل سيكون مختلفا، وان هذه الاخطار تتصاعد، وما يمكن اعتباره نزهة صيف للارهاب، قد لا يكون، وليس ممكنا للاردن الذي يحمل كل هذه الاعباء ان يواصل مواجهة هذه الملفات وهو بهذه الحالة من التعب، والانهاك، فهو لا يقاتل نيابة عن نفسه وحسب، بل يحمل اعباء باسم الاقليم كله، وهي اعباء لها امتداد عربي وعالمي، وليس منطقيا ولا مقبولا، ان يتم التفرج على الاردن وسط هذه الازمات، فلا يراد له ان يسقط، ولا يراد له ان يحيا.
في التقييمات ان هناك من يريد ان يسقط الاردن، وهو لا سمح الله، لن يصل الى هذه المرحلة بصورتها السيئة، ان تعريض الاردن لكل هذه الاخطار واعتبار ان الامر « قضيته الشخصية» تعريض خطير، ويعبر كما اشرت اما عن سوء نوايا، او سوء تقدير، لكننا نقول للجميع اليوم، ان تعاظم هذه الظروف الصعبة على الاردن، من كل الجهات، سيؤدي الى فاتورة لن يدفعها الاردن وحيدا، بل سيمتد اثرها الى امن الاقليم والعالم.
بهذا المعنى بات واضحا، ان الاردن لا يتكسب على ابواب احد، ولا يتسول الدعم ولا المساعدة، لكننا نقول ان الاردن ركن يماني في الإقليم، وتهديده واضعافه، سيكون مدفوع الثمن، في وقت لن ينفع فيه التلاوم ولا الندم، ما يعني ان على عواصم عديدة في العالم، ان تقرأ المشهد جيدا، وتقرأ العام المقبل بشكل اعمق، وتعيد انتاج موقفها بشكل مختلف، حتى يبقى الاردن قويا، لأجلهم، مثلما يبقى قويا لأجله هو ولأجل شعبه.
الدستور