شعب الفيس بوك .. شعب التيه الكبير
عدنان الروسان
20-12-2016 08:19 PM
" شو في ، شو صاير يا جماعة " هل هذا هو الشعب الأردني الذي نرى ، أم انه كابوس سرعان ما نستيقظ و ينزاح عن صدورنا ، هل هذا هو الشعب الذي أنجب وصفي التل و هزاع المجالي و عوده ابو تايه و ماجد العدوان و مشهور حديثة و مثقال الفايز و سليمان الروسان و نمر الحمود و مئات اخرون من ذوي القامات الشامخة و الجباه العريضة العزيزة المليئة بالشهامة ، رجال ما يزال الزمن يكتب أسمائهم بأحرف من نور على صفحات الوطن ، ، هل هؤلاء الناس قومي أم غرباء يمرون عبر الزمن في ارض الحشد و الرباط التي أصبحت أرض الفيس بوك و الواتس اب و الشعارات على اقفية السيارات ، " نيسان مزيونة ولا مرسيدس مرهونة ، تنك نضح مكتوب عليه و من شر حاسد اذا حسد ، بكب موديل السبعين عين الحاسد تبلى بالعمى ، مرسيدي قرش و نص رضاك يا أمي ، بكم ديانا خيال المهرة الأصيلة ابو المعاطي و هلم جرا ، طبعا لا ننسى كيف ترى قيادتي و الأخ بشفط و يرمي النفايات من شبك الباص و بزمر و مش شايف حدا قدامه و لا وراه .
أما على صفحات الفيس بوك فسنجد العجب العجاب ، سنجد ما يندى له جبين الكرامة الوطنية ، " هذا غدانا اليوم جيرة الله تفضلوا على الميسور و صورة منسف على لحم هندي الكيلوا ابو الثلاث ليرات ، إجري بتوجعني مع صورة لقدمه ملفوفة بشاش كان ابيض في يوم من الأيام و عبارة شكرا لكل من سأل عني او اطمأن بواسطة الهاتف ، و مواطن أخر نزولا عند رغبة الأهل و الأصدقاء و العشيرة قررنا بعون الله شراء جرافة مع صورة للجرافة المستعملة و المواطن يتربع على عرش الجرافة وراء المقود و الزغاريد تعج في التعليقات تحت الصورة و الخبر ، و كمان ، صورة لامرأة أردنية تعتمر الحطة القديمة و الدم بدو يفر من وجهها من الفرحة و ابو الشباب ابنها يكتب الوالدة الله يطول عمرها عازميتنا اليوم على المفتول رضاك يا أمي ، طبعا غير اللي حاط صورة ابنه و كاتب تحتها تسلملي هالطلة ، و اللي حاط صورته وهو متبطح بغرفة النوم .
مشاهد معيبة غريبة تشير الى تدني مجموعة القيم المجتمعية التي كانت سائدة يوما في وطننا ، حينما كان للعيب معنى و حينما كنا شعبا يعتز بحرمته و كرامته و معاييره الوطنية ، صور تضج بها مواقع التواصل الإجتماعي و ردح و رياء و شوفيني ياجارة و كلام يقلل من هيبة الناس ، زلام بلحى و شوارب يتصورون امام طبخة ملوخية و نساء يفقدن وقارهن و هن يضعن صورهن على مواقع التواصل الإجتماعي مع صديقاتهن او وهن يرقصن في عرس او يأكلن على مأدبة طعام .
مواقع التواصل الإجتماعي كان الأولى أن تكون للعصف الذهني و تبادل الأراء و الأفكار ، و تبادل الخبرات في العمل لسياسي و الإجتماعي ، و الديث عن الوطن و عن العلوم و التكنولوجيا و عن الحاضر و المستقبل ، و عن الأخطار التي تتهددنا و عن الإستراتيجيات التي يجب ات نضعها ليكون الزن آمنا و المستقبل زاهرا و ليس للحديث عن مناسفكم و طبائخكم .
ياسادة يا كرام ليس بالطبايخ تبى الأوطان ، و لا بصور الأولاد و البنات يكبر الرجال و لا بسفاسف الأمور تكبر المجتمعات ، ما هكذا تورد يا سعد الإبل و ما هكذا كان او يجب ان يكون الشعب الأردني الذي يبدو انه ينقلب مسخا على يديه هو نفسه في هذه المواقع التي تقدم صورة سوداء معتمة عن عقد النقص التي تملؤنا ، ما هكذا يملأ الوقت ماذا يفيد الناس أن يعرفوا إذا كنت قد تغديت على منسف أو تعشيت على خروف محشي ، ألا تسيء بذلك الى من لا يقدرون على ذلك ، اليس لديك ماهو افضل من معدتك لتتحدث عنها للناس .
يستعمل الأوروبيون و اليابانيون و الأمريكيون الفيس بوك لخلق مهارات جديدة و للتواصل من اجل الإبداع و التقدم و البناء و الربح و نحن نستخدمه مثل " هجين و وقع في قفة تين " .