فتات موائدكم يكفي نصف الأردنيين وتصيحون فليَحيا الوطن
المحامي الدكتور هيثم عريفج
19-12-2016 12:49 PM
جاء تقرير ديوان المحاسبة الذي صدر مؤخراً ليقدم نماذج صارخة عن الفساد والهدر في القطاعات الحكومية المختلفة ، بينما لم تجد حكوماتنا إلا جيبي وجيبك لتسديد تلك الفواتير ، وقد جاء التقرير عشيّة احتفال العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد والذي تتسابق حكوماتنا المتعاقبة على التباهي بإنجازاتها "الدونكشوتية" في مجالات مكافحة الفساد والنزاهة والشفافية و تقليص النفقات ، هذه الإنجازات التي لا تظهر إلا كشعارات فوق رسائل حكوماتنا الترويجية لإنجازاتها ، حتى وصل الأمر إلى حدّ تباهي الدكتور النسور بعدم إحالة أية قضية فساد في عهده ، معتبراً أن ذلك إنجاز و بطولة .
الأرقام التي وردت في التقرير مخيفة و الوضع على حافة اللاعودة ، إذ أن ما يصل من تقارير وتحليلات اقتصادية تنبئ أن وضعنا المالي في أسوأ الأحوال ، رواتب القطاع العام على المحك ، بالإضافة الى ما عجزت عنه الحكومات من وضع خطة استراتيجية لتنمية الاقتصاد و تحسينه .
لو أخذنا وضع السوق العقاري على سبيل المثال والذي يعاني من الركود ، وقد وصلت بعض الشركات العقارية إلى الحد الحرج الذي لن تستطيع معه سداد القروض و الفوائد المتراكمة ، مما سيضعها تحت رحمة البنوك من حيث الجدولة ، ولكن إلى متى ؟
من الطبيعي أن تحجز البنوك على الشقق المتراكمة في عمان والمدن الأخرى والتنفيذ عليها ، و من ثم بيعها خلال المهلة التي حدّدها البنك المركزي وهي عامين ، هذا سيؤدي بالتأكيد الى انهيار أسعار الشقق الفارغة.
سينعكس هذا الامر على أسعار الشقق التي تم بيعها للمواطنين بأسعار فلكية من خلال قروض طويلة الأجل . وسيؤدي لأنْ تصبح قيمة تلك الشقق أقل بكثير من قيمة الفوائد ، مما يجعل أمر سداد تلك القروض مستحيلاً و قد ندخل في دوامة انهيار السوق العقاري لاسمح الله .
هذا الخطر القادم ، بالإضافة إلى زيادة الأسعار بطريقة جنونية ، وزيادة المديونية و عجز المواطن عن سداد احتياجاته الأساسية ، سيزيد من مشاكل الاقتصاد وبالتالي المديونية التي وصلت الى الحافة أيضاً ، ثم يخرج علينا قائل بأن عام 2017 عام صعب وعلينا تحمله .
فما الذي أدّى إلى ذلك؟ ، و ما الذي أنتجته سياسات الحكومات برفع الأسعار؟ إلا مزيداً من التورط مع البنك الدولي و صندوق النقد و غيرها ، و مزيداً من سياسات التغول على جيب المواطن دون أن تبذل الحكومات ما عليها من واجب بخفض الإنفاق و مكافحة الفساد .
عودة الى تقرير ديوان المحاسبة فيما يخص الجامعات ، فإن ما يحدث فيها مثال على هذا الفساد ، فحجم فاتورة الهاتف و الضيافه يسد عجز ميزانية الجامعة دون اللجوء إلى رفع الأقساط ، ودون أن نتهم المواطن أنه مقصر في دوره الوطني في دعم الوطن واقتصاده . ليس من المنطق أن تستمر السياسات الاقتصادية و الضريبية الجائرة مبرِّرين لأنفسنا وللمواطن أن عليه الصبر ، وأن المواطن لا يريد أي خلل أمني لا سمح الله .
إنْ حدث الجوع والانهيار الاقتصادي فإنهما حتماً سيؤديان إلى انهيار أمني ، وهنا نحن نحذر من ذلك و نلفت نظر صاحب القرار إلى ذلك . وإلّا آلت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه . فالمواطن وصل إلى الفتحة الاخيرة في حزامه المشدود ، ولم يعد هناك ما يستطيع تقديمه لاقتصاد الوطن الذي يأكله المتنفذون وهم يتباهون ويصرخون ليل نهار فليحيا الوطن .
رئيس الوزراء يصرّح في خطاب الثقة أننا لن نسمح بالتعدي على جيب المواطن. سؤالي على جيب من إذن يا دولة الرئيس يتم الاعتداء ؟