لم يبق مسؤول عربي أو أجنبي ، لم يؤكد بدون ملل أن الحل للمشكلة في سوريا يجب أن يكون حلاً سياسياً ، بل إن الاطراف المتصارعة في الساحة السورية تقول بنفس الفكرة.
الحل السياسي كشعار مقبول شكلاً ، ولكن كل طرف يفهمه بالشكل الذي يناسبه. وليس من المحتمل أن يحدث اتفاق على حل سياسي محدد من قبل النظام السوري والمنظمات المسلحة والأطراف الدولية مثل روسيا وأميركا وأوروبا ، أو الإقليمية مثل تركيا وإيران والسعودية وقطر. لا يعقل أن يتفق هؤلاء جميعاً على صيغة للحل السياسي ترضي جميع الأطراف.
ما قيمة الحل السياسي إذا لم يشمل النظام من جهة وداعش والنصرة وباقي الفصائل المسلحة من جهة أخرى ، أم أنه سيكون لتلك التنظيمات الإرهابية دور في مستقبل سوريا.
كل الأطراف التي تقبل مبدأ الحل السياسي ذهبت إلى جنيف أو فينا للتفاوض برعاية دولية ولم تتفق على شيء.
الحل الدولي الذي طرح على بساط البحث ، ولم يكن له أي حظ من النجاح ، هو إيجاد حكومة انتقالية تتسلم السلطة الكاملة.
الحكم (الانتقالي) له معنى واحد هو تغيير النظام على مرحلتين ، فهل يعقل أن يقبل النظام حكم الإعدام وتسليم السلطة لجماعات يعتبرها منظمات إرهابية مأجورة وتتلقى المال والسلاح والأوامر من جهات معروفة وبشكل مكشوف.
المجتمع الدولي يتحرك الآن بسرعة وعصبية بعد أن بدأت نهاية التمرد في سوريا ، ذلك أن بقاء حلب لعدة سنوات تحت حكم النصرة وأضرابها من المنظمات الإرهابية لم ُيثر أحداً ، ولكن سيطرة الجيش النظامي الآن أصبحت جريمة حرب يهتز لها ضمير هؤلاء.
لماذا يتقبل الغرب – أوروبا وأميركا – سيطرة الإرهاب على حلب وغير حلب في سوريا وغير سوريا ويرفضون سيطرة الدولة السورية على أراضيها ومدنها؟ هل الإرهابيون أرحم على المدنيين وأكثر التزاماً بحقوق الإنسان من الجيش النظامي؟.
هنا نتذكر نظرية صراع الحضارات التي نشرت في أميركا على نطاق واسع ، وترى أن الخطر على الحضارة الغربية له مصدران محتملان هما الإسلام والصين.
الغرب لا يريد أن يخوض حرباً أخرى في الشرق الاوسط لكسر شوكة ما يسميه الإرهاب الإسلامي ، فوجد ضالته في الإرهاب التكفيري: القاعدة ، داعش ، النصرة إلى آخره ، فهذا النوع من الإرهاب هو القوة القادرة على تدمير العالم الإسلامي من الداخل ، وعلى رأسه الوطن العربي ، ومن هنا إعطاء هذا الإرهاب فرصة لأن يكون له مركز انطلاق صلب في قلب الوطن العربي هو سوريا.
الراي