الجمهورية والاقليمية وأثرها في بنية المجتمع
د.فايز الربيع
16-12-2016 09:32 PM
جاء الاسلام والعرب ينتسبون الى قبائلهم، ويعتزون بها ولم يلغِ الاسلام هذا الإنتساب، وانما عدَل في اهدافه، وجاءت الاية الكريمة ( وأنذر عشيرتك الاقربين) ثم جاءت الاية ( الاقربون أولى بالمعروف)، كانت العرب تعتز بالانساب وحتى في الفتوحات الاسلامية كانوا يقاتلون في كثير من الاحيان تحت راية قبائلهم.
وبمرور الوقت تركزت ثلاثة عوامل لتؤثر في بيئة المجتمع ( العقيدة والغنيمة والقبيلة) لقد خف أثر العقيدة وزاد أثر الغنيمة والقبيلة، وأصبحت القيسية واليمانية عنوان الصراع في المشرق العربي، وكذلك في الاندلس وكانت سبباً من اسباب سقوط الاندلس.
ان الجهوية تمثل محوراً اكبر من القبيلة، حيث تمتد لتشمل مجموعة من القبائل ضمن منطقة جغرافية ، قد تتصادم فيما بينها ولكنها تصبح صفاً واحداً في مواجهة منطقة جهوية أخرى، لقد ضرب الاستعمار على وتر الجهوية، والاقليمية لتحل محل الرابطة الكبرى رابطة العقيدة ، التي وحدت كل الجهويات والاقليميات في اطار هدف واحد ، بل دمجت امبراطوريات واستفادت الامة من كل خصوصيات الحضارات لتشكل هذه القوة عبر التاريخ.
ما يحدث الان من عنف مجتمعي مرده في كثير من الاحيان الى الاستقواء بالجهوية ، والتي لم تعد سلوكاً لدى بعض الطلاب فقط وانما ممارسات ادارية تنعكس في قرارات واضحة يرتاح لها البعض ويغضب منها البعض الاخر.
مفهوم المواطنة اكبر من مفهوم الجهوية والاقليمية، لانها تعزز الانتماء للوطن، والسعي لرقي المؤسسات باعتبارها مؤسسات وطنية وليست حقول ومزارع جهوية
ان هذا الامر المرتبط بالسلوك يحتاج الى قدوة المسؤول، وتربية تبدأ من الاسرة ، والمدرسة والجامعة ، تعززها منظومة الدولة التي تحمي حقوق المواطنين دون أن يلجأوا الى الجهويات الفرعية بحيث يطمئن كل فرد في المجتمع بالحصول على حقوقه دونما الحاجة الى الواسطة والمحسوبية التي تمثل الجهوية والاقليمية واحدة من اكبر ادواتها ، كما ان العنف المجتمعي الذي ضرب جامعاتنا وقرانا ومدننا ورياضتنا لا بد له من وقفة جادة من كل الحريصين على هذا المجتمع وقوته وتماسكه وهذا امر مرهون بارادتنا نحن وبتوجيه النخبة من المجتمع التي تقود ولا تقاد.