رحم الله الملك الحسين , فقد كان أول من حذر من إنهيار النظام الرسمي العربي كله , إذا من إنتصرت إيران في حربها ضد العراق التي إستمرت ثماني سنوات , ووضع رحمه الله الاردن كله بتصرف العراق حتى تمكن من دحر إيران , وقبل الخميني وقف إطلاق النار مرغما , واصفا قراره بهذا الشأن , بأنه كتجرع كأس من السم !
كان الحسين رحمه الله يدرك أبعاد المشروع الإيراني الساعي إلى إنهاء النظام الرسمي العربي , وإقامة دولة فارسية كبرى على أنقاضه , ومن هنا , كان دائم التحذير من إنهيار البوابة الشرقية للوطن العربي , كمقدمة لإنهيار النظام الرسمي العربي لمصلحة نظام فارسي يلبس لبوس الدين ولكن بمنهجية طائفية .
اليوم لم تعد إيران تخفي مخططها بعد سقوط حلب , وها هم قادتها وملاليها يكثرون من تصريحاتهم التي لا تتردد حتى في تعداد العواصم العربية التي ستخضع لهم تباعا , فهم يرون أن الرئيس اليمني لم يعد بمقدوره العودة الى اليمن رئيسا ! , وأن المحطتين القادمتين بعد سقوط حلب , هما اليمن والبحرين ! , أما العراق وسورية ولبنان , فتبدو في نظرهم كما لو صارت حواضر في قبضتهم ! .
محزن ويثير الغيظ ما يجري حاليا في حلب ثاني اكبر مدينة سورية , أطفال ونساء ورجال عزل يجدون دولا غير عربية تنتشلهم من مدينتهم المدمرة إلى خارجها , وشعوب تركية وأوروبية تنتظر وصولهم بحزن إنساني صادق , أما العرب فلا شأن لهم , وقد تركوا بلادهم فريسة لإيران وروسيا وسائر الميليشات الآتية من شتى أصقاع الارض .
هل ما يجري أمر طبيعي ! , وهل ينتظر العرب مصيرهم المحتوم على ايدي إيران وروسيا بلدا تلو آخر دون أن ينبس أي منهم ولو بكلمة ! , وهل ما حذر منه الحسين رحمه الله قبل أكثر من ثلاثة عقود يتحقق الآن وسنجد شعوبنا تحت حكم أجنبي قريبا ! , وهل الهلال الشيعي الذي حذر منه جلالة الملك عبدالله الثاني قبل سنوات قليلة صار أمرا واقعا ! . لا حول ولا قوة إلا بالله , فالدم العربي صار ماء لا بل وأرخص , أما الكرامة العربية فقد غدت بلا كرامة ! , وما الغرابة في هذا , إذا ما نظرنا إلى فلسطين المحتلة والمستباحة مقدساتها منذ عقود ذل طويله .