مملكة البحرين تحتفل بالأعياد الوطنية
15-12-2016 02:36 PM
عمون - تحتفل مملكة البحرين غدا وبعد غد بذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح وإعلانها دولة عربية مسلمة عام 1783 ميلادية، والذكرى الخامسة والأربعين لانضمامها إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، والذكرى السابعة عشرة لتسلم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
وشهدت المملكة خلال الفترة الماضية إنجازات حضارية ضخمة تشكّل عنوانا لمرحلة زاهرة من التحديث الشامل الذي يقوده بكل اقتدار عاهل البلاد من خلال المشروع الإصلاحي الذي شكل دعامة أساسية لكل مشاريع التطور والنهضة في المملكة على كافة المستويات، ولاسيما على صعيد الإصلاحات السياسية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان، ومجالات التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة وتقدم دور المرأة.
وتسير مملكة البحرين وفق خطط استراتيجية مدروسة تمتد للمستقبل بعيد الأمد من خلال "رؤية البحرين 2030" والتي تضع توجهات ورؤى البحرين التنموية للمستقبل وفق خطة محكمة واستنادا إلى العدالة والتنافسية، وتحقيق أكبر قدر من التنمية المتوافقة مع ما تشهده البلاد من تجربة ديمقراطية رائدة تعزز من خلالها مناخ الحرية والانفتاح، والتطور والمواطنة وحقوق الإنسان حيث ازداد فيها نطاق التقدم والاصلاحات الى ما وراء حدود التوقع.
ويمثل العيد الوطني للمملكة فرصة للاحتفال بهذه الإنجازات العظيمة وفرصة لتجديد العزم على مواصلتها وحماية المكتسبات التي تحققت من أجل هذا الوطن العزيز الذي كان ولا يزال وسيظل بمشيئة الله تعالى وطنًا للتعايش والتسامح والمحبة والوفاء.
وحققت مملكة البحرين الكثير من القفزات في جميع المجالات، على هدي من مشروع الإصلاح الوطني الشامل، يحق لها أن تفخر بها، فالديمقراطية البحرينية والتي تأسست وترسخت كنموذج وطني، تستمد جذورها من الأرض التي نبتت فيها، وتواصل بنجاح مسيرتها المباركة وقد صارت أكثر نضجًا ووعيا والتزاما.
وقد افتتح جلالة الملك دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي النواب والشورى في تشرين الاول الماضي لتبدأ التجربة النيابية عامها الخامس عشر وقد أنجز المجلسان ما يزيد عل خمسة آلاف موضوع صبت في مصلحة الوطن والمواطن ما بين إقرار القوانين والمقترحات برغبة وتوجيه الأسئلة وغيرها من أدوات برلمانية أتاحها لها المشروع الإصلاحي لتتمكن من أداء دورها كاملا دون نقصان.
ودعم من هذا الدور التعديلات الدستورية التي تم إقرارها عام 2012 والتي ضخت روحًا جديدة في المسيرة الديمقراطية الزاهرة في ظل دعم لا متناهٍ تقدمه القيادة الحكيمة والحكومة للسلطة التشريعية، والتعاون المستمر بين السلطتين.
وفي مجال السياسة الخارجية وفي إطار سياستها الراسخة بتدعيم أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة ضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تمكنت المملكة من تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والإسلامية بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها، وانتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية.
ولعل النجاح الذي حققته القمة الخليجية والتي عقدت في المملكة قبل أيام والقمة الخليجية البريطانية التي عقدت على هامشها والقمة البحرينية السعودية ثم منتدى حوار المنامة لدليل كاف على الدور المحوري الذي باتت تلعبه المنامة في الشؤون الخليجية والعربية والدولية وهذا يعود إلى سياسة خارجية نشطة يقودها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حيث عززت هذه السياسة مكانة المملكة، والتي قامت على تكثيف اللقاءات والاتصالات والزيارات لتدعيم العلاقات مع دول العالم سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى الجماعي، ومن ذلك الزيارات المتعددة لجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد والتي شملت العديد من الدول، لتفتح آفاقًا رحبة لتدعيم العلاقات الثنائية معها، وتم خلالها توثيق التعاون مع هذه الدول وإبرام العديد من المعاهدات والاتفاقات التي تصب في خدمة المواطن البحريني، ومن ذلك زيارات جلالة الملك المتعددة للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والإمارات والمغرب ومصر وبريطانيا وروسيا وتركيا وسويسرا، إضافة الى الحضور البحريني البارز في كافة المحافل الإقليمية والدولية، والدفاع عن القضايا الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية.
وحققت الدبلوماسية البحرينية اختراقين في غاية الأهمية أولهما تعزيز الصورة الصحيحة للمملكة كبلد للتعايش والتسامح ونبذ العنف، وثانيهما الدعم الخليجي والعربي والإسلامي والدولي للمملكة في مواجهة التدخلات الخارجية التي لا تتوقف من جانب إيران.
وفي المجال الأمني تعزز الأمن والاستقرار في جميع ربوع المملكة بفضل جهود أبنائها من منتسبي الوزارات والهيئات الأمنية، فبفضل الاكتشاف المسبق للمخططات الإرهابية الممولة من الخارج، ولمخابئ الأسلحة والمواد التي يعدها المخربون ،عم الأمن ربوع الوطن وعادت بحمد الله مملكة البحرين كما كانت واحة للأمن والأمان في المنطقة. وحتى تضمن المملكة استمرار هذا الانجاز الأمني الكبير، واصلت دعم أجهزتها الأمنية للقيام بدورها من خلال إمدادها بأحدث التقنيات المتطورة والتدريب المستمر وإيفاد البعثات وتنفيذ التمرينات الأمنية مع الدول الشقيقة والصديقة بغرض تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة وكان من أبرز هذه التمرينات تمرين أمن الخليج العربي واحد والذي نجح نجاحًا باهرًا ويعد نقلة نوعية للتعاون الأمني بين دول الخليج العربية.
وفي مجال التنمية البشرية واصلت المملكة تنمية الإنسان باعتبار المواطن أولوية وطنية قصوى باعتباره هدف التنمية الأول وغايتها، عبر اعتماد خطط تنموية رائدة تضمنت مشروعات وبرامج هادفة في جميع المجالات (الصحة والتعليم والعمل وغيرها)... وهو ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة والذي صنف المملكة ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية (Human Development Report) - الذي يقيس معدل الإنجاز في الأبعاد الأساسية للتنمية البشرية والمتمثلة بالمستوى المعيشي اللائق والمعرفة والحياة المديدة.
وقد أبرز التقرير التطور التنموي الكبير الذي شهدته المملكة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ووفقا للمؤشرات فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي وانخفضت معدلات الفقر إلى أدنى مستوياتها، كما انخفض معدل البطالة بين الشباب إلى نسب هي الأدنى في العالم، فيما ارتفع معدل محو الامية (المعرفة بالقراءة والكتابة) للبالغين من الجنسين، وارتفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي، وتحسن المستوى الصحي بها، وشهدت الدولة إنجازات كبيرة في مجال الإسكان الذي يقع في مقدمة خطط الأعمال والبرامج التنموية وذلك لأنه يمثل ملفًا حيويًا ورئيسيًا ضمن مساعي البحرين لتوفير سبل الاستقرار والأمن الاجتماعي للمواطن، واقتربت من تحقيق مشروع جلالة الملك الطموح ببناء 40 ألف وحدة سكنية تغطي الحاجات الإسكانية للمواطنين.
وفي المجال الاقتصادي وهو الشغل الشاغل لقيادتها الحكيمة سعت المملكة إلى مواصلة جهودها من أجل إحداث تنمية اقتصادية مستدامة وجذب الاستثمارات العالمية وحافظت المملكة على المرونة الاقتصادية، ولا تزال رائدة في المنطقة في الحرية الاقتصادية، كما إنها أصبحت مركزًا ماليًا للنشاط الاقتصادي الحيوي، في ظل تحقيق التجارة والاستثمار مستويات عالية والمدعومة ببيئة تنظيمية تنافسية وكفاءة، على الرغم من البيئة الخارجية والداخلية الصعبة.
وتشجع الحكومة الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتقليل الاعتماد على تراجع احتياطيات النفط وأسعاره، وأصبحت البحرين مركزًا إقليميًا للكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة، كما تمتاز البحرين ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات، كما أن لديها تشريعات عديدة محفزة للاستثمار منها قوانين الشفافية ومكافحة الفساد وتسهيل منح التراخيص وغيرها، كما قامت المملكة بتعزيز البنية التحتية ليتاح للمستثمر من داخل وخارج البحرين البيئة اللازمة للاستثمار، وتوفير عمالة ماهرة ومدربة، وعقد اتفاقيات جديدة مع العديد من دول العالم تتيح فرصًا استثمارية أكبر.
وقد نالت المملكة ثناء دوليًا على جهودها وتبوأت المراكز الاولى عالميًا في الحريات الاقتصادية وجذب الاستثمارات بحسب مؤشرات وتصنيفات الوكالات والهيئات الاقتصادية العالمية ومنها البنك الدولي ومؤسسة هيرتدج فاونديشن.
ففي تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017: تكافؤ الفرص للجميع الصادر عن البنك الدولي، احتلت المملكة المرتبة الثانية عربيا و63 عالميا من بين أكثر من 190 دولة. وقال التقرير إن الاقتصاد البحريني تصدر الاقتصادات الأكثر تحسنا في 2015/2016 في المجالات التي يقيسها التقرير، وأن المملكة نفذت العديد من الإصلاحات التجارية مما يجعل من البيئة البحرينية البيئة الأسهل للقيام بالأعمال التجارية. كما حازت المملكة على المرتبة الأولى إقليميًا وخليجيًا والـ18 عالميًا في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2016 الصادر عن مؤسسة هيريتيج الدولية، بفضل ما تتمتع به من كفاءة تنظيمية، وحرية مالية.
وفي مجال تنمية المرأة تخطت مملكة البحرين مرحلة التمكين للمرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وكسب الحقوق، لتصل إلى مرحلة أكثر تقدماً تكون فيها المرأة على قدم المساواة مع الرجل في ميادين العمل لتشكل جزءاً أصيلاً من اعتبارات التنمية الشاملة، ومحركاً للاقتصاد الوطني بناء على عراقة مشاركتها الوطنية ونضج تجربتها وتميز عطائها. كما أكدت ذلك سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للمرأة، فبعد 15 عاما على إنشاء المجلس تمكنت المرأة من أن يكون لها حضور وطني بارز في جميع الميادين.
إن الإنجازات الوطنية التي تحققت تحكي عن نفسها ويشهد بها المواطنون والمقيمون على هذه الأرض الطيبة وأقرت بها الدول والمنظمات والتقارير الدولية التي منحت البحرين مكانة عالمية ومنحت قادتها العديد من الجوائز تقديرًا لإسهاماتهم في خدمة الوطن والأمة والإنسانية جميعًا. وأحدث هذه الجوائز هذا العام جائزة اليونيدو التي منحتها لجلالة الملك منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية تقديرًا لمكانة مملكة البحرين في ريادة الأعمال وتطوير الشباب والمرأة، إلى جانب تأسيس كرسي باسم جلالة الملك في جامعة لا سبينزا روما لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان، وجائزة "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة"، التي منحت لسمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء من الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة تقديراً لما حققته مملكة البحرين من تقدم في تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وكانت الإنجازات الوطنية محلا لإشادات دولية متعددة من المنظمات الدولية عام 2016 وعلى رأسها الأمم المتحدة فقد جاءت البحرين في مكانة متقدمة في هذه التقارير، ففي مجال تمكين المرأة أظهر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية 2016 أن مملكة البحرين حلت في المرتبة الأولى دوليا في تسجيلها أسرع معدل نمو لمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي ذاكرا أن البحرين "من الأفضل في العالم على المؤشر الفرعي للمشاركة والفرص الاقتصادية" للمرأة، وأشار التقرير الصادر تحت عنوان "المرأة في قطاع الأعمال والإدارة" إلى أن البحرين حصلت على المرتبة الأعلى بين دول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في مؤشر "سيدات الأعمال العاملات لحسابهن الخاص بنسبة 28 بالمئة، كما شهدت المملكة أكبر زيادة في عدد الشركات التي تحتوي مجالس ادارتها أعضاء نساء، حيث ارتفعت من 12بالمئة عام 2010 إلى 14بالمئة عام 2014.
وأوضح التقرير أن البحرين شهدت أكبر زيادة في عدد الشركات التي تحتوي مجالس ادارتها أعضاء نساء، حيث ارتفعت من 12بالمئة عام 2010 إلى 14بالمئة عام 2014، متقدمة بذلك على دول مجلس التعاون الخليجي التي لا تتجاوز حصة النساء في مجالس الإدارة فيها 2 بالمئة، لكن هذه الدول بشكل عام بحسب التقرير أفضل من أماكن كثيرة من العالم تشهد انخفاضا كبيرا في عدد النساء في مجالس إدارة الشركات.
وفي مجال التنمية البشرية أفاد تقرير رأس المال البشري الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016، أن البحرين حلت في المركز الأول خليجيا، باستفادتها القصوى من الإمكانات الاقتصادية لمواطنيها. وكانت البحرين أفضل الدول العربية أداء بعد نجاحها في استخدام 85 بالمئة من إجمالي مواهب المصادر البشرية العاملة لديها، بينما حلت في المركز 46 عالميا، بعد فنلندا، والنرويج، وسويسرا.
وفي مجال الحكومة الالكترونية، تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2016 عن ترتيب مملكة البحرين المتقدم ومحافظتها على الصدارة للمرة الرابعة على التوالي منذ عام 2010 حيث حصلت المملكة على المركز الأول عربياً في جاهزية الحكومة الإلكترونية وتُصنف – للمرة الثانية على التوالي- ضمن الدول المتقدمة جداً في العالم في هذا المجال وهو تصنيف تحصل عليه الدول التي تحصل على نسبة أعلى من 75 بالمئة من إجمالي مؤشرات التقرير التي تتجاوز 400 معيار، وحصلت على هذه النسبة 29 دولة فقط من إجمالي 193 دولة يغطيها التقرير.
وفي مجال الاتصالات حازت مملكة البحرين المركز الأول عربيًا والحادي عشر عالميّاً في مؤشر الاتصالات الصادر عن الأمم المتحدة في 2016، وتقدمت المملكة بـ 15 رتبة مقارنة برتبتها السابقة في 2014، كما حققت تقدماً في مؤشر الجاهزية الشبكية (NRI) إلى المركز الثامن والعشرين عالمياً والثالث عربياً بحسب تقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي للعام 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) 2016، حيث تقدمت المملكة مرتبتين مقارنة بالعام الماضي (2015)، كما حلت المملكة في المرتبة الأولى عربيًا، بحسب تقرير اقتصاد المعرفة العربي 2015-2016، بعد أن سجّلت 74.15 في المئة من معدلات استخدام شبكة الإنترنت.
وتصدرت البحرين المرتبة الأولى عربيًا في تقرير "العالم عبر عيون المغتربين" للعام 2016 الصادر عن مؤسسة "أنتير نيشن" المهتمة بمجال الهجرة، الخاص بتقييم أفضل البلدان لحياة المهاجرين.
إن ما حققته مملكة البحرين على الصعيد الداخلي هو قصة نجاح تروى، وهي دروس للأجيال القادمة في العزم والمثابرة لبلوغ الأهداف الوطنية والقومية.. ولعل هناك قصة نجاح أخرى هي نجاح مملكة البحرين في توصيل رسالة المحبة والخير إلى جميع أرجاء العالم، فقد ساهمت المملكة رغم محدودية الموارد في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية في مختلف الدول المنكوبة والمتضررة ومساعدة اللاجئين الذين شردتهم الحروب والظروف الطبيعية. ولم تقتصر مساعدات البحرين على المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية فقط، بل قامت بإنشاء المشاريع التنموية من مدارس ومستشفيات وسكن وتوفير مياه شرب صالحة وغيرها، حسب الحاجة الملحة لكل الشعوب، لتسهم هذه المشاريع في بناء الإنسان وإعادة إعمار الوطن مع مراعاة ظروف المتضررين والتعامل معهم بأعلى درجة من الاحترام والكرامة الإنسانية.
وتقديرًا لدور سموه في العمل الخيري وخدمة المحتاجين والمنكوبين في مختلف دول العالم تسلم سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب شهادة تقدير من ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
إن مملكة البحرين سائرة على درب التقدم والتطوير لا تحيد، وفق استراتيجية واضحة يقودها بإيمان وعزم لا يلين جلالة الملك ، وبسواعد أبنائها، ستظل بمشيئة الله تعالى ومنه وفضله دائمًا مملكة الخير والنماء والرفاه.
وفي مجال التنمية البشرية واصلت المملكة تنمية الإنسان باعتبار المواطن أولوية وطنية قصوى باعتباره هدف التنمية الأول وغايتها، عبر اعتماد خطط تنموية رائدة تضمنت مشروعات وبرامج هادفة في جميع المجالات (الصحة والتعليم والعمل وغيرها)... وهو ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة والذي صنف المملكة ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة في دليل التنمية البشرية (Human Development Report) - الذي يقيس معدل الإنجاز في الأبعاد الأساسية للتنمية البشرية والمتمثلة بالمستوى المعيشي اللائق والمعرفة والحياة المديدة.
وقد أبرز التقرير التطور التنموي الكبير الذي شهدته المملكة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ووفقا للمؤشرات فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي وانخفضت معدلات الفقر إلى أدنى مستوياتها، كما انخفض معدل البطالة بين الشباب إلى نسب هي الأدنى في العالم، فيما ارتفع معدل محو الامية (المعرفة بالقراءة والكتابة) للبالغين من الجنسين، وارتفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي، وتحسن المستوى الصحي بها، وشهدت الدولة إنجازات كبيرة في مجال الإسكان الذي يقع في مقدمة خطط الأعمال والبرامج التنموية وذلك لأنه يمثل ملفًا حيويًا ورئيسيًا ضمن مساعي البحرين لتوفير سبل الاستقرار والأمن الاجتماعي للمواطن، واقتربت من تحقيق مشروع جلالة الملك الطموح ببناء 40 ألف وحدة سكنية تغطي الحاجات الإسكانية للمواطنين.
وفي المجال الاقتصادي وهو الشغل الشاغل لقيادتها الحكيمة سعت المملكة إلى مواصلة جهودها من أجل إحداث تنمية اقتصادية مستدامة وجذب الاستثمارات العالمية وحافظت المملكة على المرونة الاقتصادية، ولا تزال رائدة في المنطقة في الحرية الاقتصادية، كما إنها أصبحت مركزًا ماليًا للنشاط الاقتصادي الحيوي، في ظل تحقيق التجارة والاستثمار مستويات عالية والمدعومة ببيئة تنظيمية تنافسية وكفاءة، على الرغم من البيئة الخارجية والداخلية الصعبة.
وتشجع الحكومة الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتقليل الاعتماد على تراجع احتياطيات النفط وأسعاره، وأصبحت البحرين مركزًا إقليميًا للكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة، كما تمتاز البحرين ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات، كما أن لديها تشريعات عديدة محفزة للاستثمار منها قوانين الشفافية ومكافحة الفساد وتسهيل منح التراخيص وغيرها، كما قامت المملكة بتعزيز البنية التحتية ليتاح للمستثمر من داخل وخارج البحرين البيئة اللازمة للاستثمار، وتوفير عمالة ماهرة ومدربة، وعقد اتفاقيات جديدة مع العديد من دول العالم تتيح فرصًا استثمارية أكبر.
وقد نالت المملكة ثناء دوليًا على جهودها وتبوأت المراكز الاولى عالميًا في الحريات الاقتصادية وجذب الاستثمارات بحسب مؤشرات وتصنيفات الوكالات والهيئات الاقتصادية العالمية ومنها البنك الدولي ومؤسسة هيرتدج فاونديشن.
ففي تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017: تكافؤ الفرص للجميع الصادر عن البنك الدولي، احتلت المملكة المرتبة الثانية عربيا و63 عالميا من بين أكثر من 190 دولة. وقال التقرير إن الاقتصاد البحريني تصدر الاقتصادات الأكثر تحسنا في 2015/2016 في المجالات التي يقيسها التقرير، وأن المملكة نفذت العديد من الإصلاحات التجارية مما يجعل من البيئة البحرينية البيئة الأسهل للقيام بالأعمال التجارية. كما حازت المملكة على المرتبة الأولى إقليميًا وخليجيًا والـ18 عالميًا في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2016 الصادر عن مؤسسة هيريتيج الدولية، بفضل ما تتمتع به من كفاءة تنظيمية، وحرية مالية.
وفي مجال تنمية المرأة تخطت مملكة البحرين مرحلة التمكين للمرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وكسب الحقوق، لتصل إلى مرحلة أكثر تقدماً تكون فيها المرأة على قدم المساواة مع الرجل في ميادين العمل لتشكل جزءاً أصيلاً من اعتبارات التنمية الشاملة، ومحركاً للاقتصاد الوطني بناء على عراقة مشاركتها الوطنية ونضج تجربتها وتميز عطائها. كما أكدت ذلك سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للمرأة، فبعد 15 عاما على إنشاء المجلس تمكنت المرأة من أن يكون لها حضور وطني بارز في جميع الميادين.
إن الإنجازات الوطنية التي تحققت تحكي عن نفسها ويشهد بها المواطنون والمقيمون على هذه الأرض الطيبة وأقرت بها الدول والمنظمات والتقارير الدولية التي منحت البحرين مكانة عالمية ومنحت قادتها العديد من الجوائز تقديرًا لإسهاماتهم في خدمة الوطن والأمة والإنسانية جميعًا. وأحدث هذه الجوائز هذا العام جائزة اليونيدو التي منحتها لجلالة الملك منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية تقديرًا لمكانة مملكة البحرين في ريادة الأعمال وتطوير الشباب والمرأة، إلى جانب تأسيس كرسي باسم جلالة الملك في جامعة لا سبينزا روما لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان، وجائزة "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة"، التي منحت لسمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء من الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة تقديراً لما حققته مملكة البحرين من تقدم في تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وكانت الإنجازات الوطنية محلا لإشادات دولية متعددة من المنظمات الدولية عام 2016 وعلى رأسها الأمم المتحدة فقد جاءت البحرين في مكانة متقدمة في هذه التقارير، ففي مجال تمكين المرأة أظهر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية 2016 أن مملكة البحرين حلت في المرتبة الأولى دوليا في تسجيلها أسرع معدل نمو لمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي ذاكرا أن البحرين "من الأفضل في العالم على المؤشر الفرعي للمشاركة والفرص الاقتصادية" للمرأة، وأشار التقرير الصادر تحت عنوان "المرأة في قطاع الأعمال والإدارة" إلى أن البحرين حصلت على المرتبة الأعلى بين دول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في مؤشر "سيدات الأعمال العاملات لحسابهن الخاص بنسبة 28 بالمئة، كما شهدت المملكة أكبر زيادة في عدد الشركات التي تحتوي مجالس ادارتها أعضاء نساء، حيث ارتفعت من 12بالمئة عام 2010 إلى 14بالمئة عام 2014.
وأوضح التقرير أن البحرين شهدت أكبر زيادة في عدد الشركات التي تحتوي مجالس ادارتها أعضاء نساء، حيث ارتفعت من 12بالمئة عام 2010 إلى 14بالمئة عام 2014، متقدمة بذلك على دول مجلس التعاون الخليجي التي لا تتجاوز حصة النساء في مجالس الإدارة فيها 2 بالمئة، لكن هذه الدول بشكل عام بحسب التقرير أفضل من أماكن كثيرة من العالم تشهد انخفاضا كبيرا في عدد النساء في مجالس إدارة الشركات.
وفي مجال التنمية البشرية أفاد تقرير رأس المال البشري الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016، أن البحرين حلت في المركز الأول خليجيا، باستفادتها القصوى من الإمكانات الاقتصادية لمواطنيها. وكانت البحرين أفضل الدول العربية أداء بعد نجاحها في استخدام 85 بالمئة من إجمالي مواهب المصادر البشرية العاملة لديها، بينما حلت في المركز 46 عالميا، بعد فنلندا، والنرويج، وسويسرا.
وفي مجال الحكومة الالكترونية، تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2016 عن ترتيب مملكة البحرين المتقدم ومحافظتها على الصدارة للمرة الرابعة على التوالي منذ عام 2010 حيث حصلت المملكة على المركز الأول عربياً في جاهزية الحكومة الإلكترونية وتُصنف – للمرة الثانية على التوالي- ضمن الدول المتقدمة جداً في العالم في هذا المجال وهو تصنيف تحصل عليه الدول التي تحصل على نسبة أعلى من 75 بالمئة من إجمالي مؤشرات التقرير التي تتجاوز 400 معيار، وحصلت على هذه النسبة 29 دولة فقط من إجمالي 193 دولة يغطيها التقرير.
وفي مجال الاتصالات حازت مملكة البحرين المركز الأول عربيًا والحادي عشر عالميّاً في مؤشر الاتصالات الصادر عن الأمم المتحدة في 2016، وتقدمت المملكة بـ 15 رتبة مقارنة برتبتها السابقة في 2014، كما حققت تقدماً في مؤشر الجاهزية الشبكية (NRI) إلى المركز الثامن والعشرين عالمياً والثالث عربياً بحسب تقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي للعام 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) 2016، حيث تقدمت المملكة مرتبتين مقارنة بالعام الماضي (2015)، كما حلت المملكة في المرتبة الأولى عربيًا، بحسب تقرير اقتصاد المعرفة العربي 2015-2016، بعد أن سجّلت 74.15 في المئة من معدلات استخدام شبكة الإنترنت.
وتصدرت البحرين المرتبة الأولى عربيًا في تقرير "العالم عبر عيون المغتربين" للعام 2016 الصادر عن مؤسسة "أنتير نيشن" المهتمة بمجال الهجرة، الخاص بتقييم أفضل البلدان لحياة المهاجرين.
إن ما حققته مملكة البحرين على الصعيد الداخلي هو قصة نجاح تروى، وهي دروس للأجيال القادمة في العزم والمثابرة لبلوغ الأهداف الوطنية والقومية.. ولعل هناك قصة نجاح أخرى هي نجاح مملكة البحرين في توصيل رسالة المحبة والخير إلى جميع أرجاء العالم، فقد ساهمت المملكة رغم محدودية الموارد في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية في مختلف الدول المنكوبة والمتضررة ومساعدة اللاجئين الذين شردتهم الحروب والظروف الطبيعية. ولم تقتصر مساعدات البحرين على المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية فقط، بل قامت بإنشاء المشاريع التنموية من مدارس ومستشفيات وسكن وتوفير مياه شرب صالحة وغيرها، حسب الحاجة الملحة لكل الشعوب، لتسهم هذه المشاريع في بناء الإنسان وإعادة إعمار الوطن مع مراعاة ظروف المتضررين والتعامل معهم بأعلى درجة من الاحترام والكرامة الإنسانية.
وتقديرًا لدور سموه في العمل الخيري وخدمة المحتاجين والمنكوبين في مختلف دول العالم تسلم سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب شهادة تقدير من ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
إن مملكة البحرين سائرة على درب التقدم والتطوير لا تحيد، وفق استراتيجية واضحة يقودها بإيمان وعزم لا يلين جلالة الملك ، وبسواعد أبنائها، ستظل بمشيئة الله تعالى ومنه وفضله دائمًا مملكة الخير والنماء والرفاه.
بترا