تبدو وزارة الخارجية، مثيرة للكلام، في عمان، ومنذ ان جاء ناصر جودة الى موقعه، والوزارة، تحت التحليل والتوقع. لا لشيء محدد. بقدر ان الوزير العابر للحكومات، يثير الغيرة والحسد على حد سواء، برغم كونه، ناجحاً في عمله، بشهادة الدبلوماسية العربية والاجنبية.
لكننا، على ذات عادتنا، نحب ونكره، ونرغب بالتغيير من باب الملل في مرات كثيرة، دون سبب مقنع، وها هي الوزارة، تحت ألسنة اللغو مجددا، بعد توزير الدبلوماسي المخضرم بشر الخصاونة، وزيرا للدولة للشؤون الخارجية، بتوصيف وظيفي، يمنحه ملفات تتعلق بالسفارات، وتعيين السفراء، وغير ذلك.
عمان السياسية، تتمنى تعديلا على حكومة هاني الملقي، والكل يعتبر ان خروج جودة سيكون نصراً مبيناً، دون ان يقولوا لنا السبب حصراً، سوى الرغبة بالاطاحة به، لكونه يثبت انه اقوى من التوقعات، لكن في كل الاحوال، بقي الرجل او خرج، فما الذي سيتغير في عمان، وهل ستمطر الدنيا، مناً وسلوى، سمنا وعسلا، باعتباره «حجر العثرة» في طريقنا.
في ظلال الكلام، حديث عن اسماء نافذة، لا تريد لجودة ان يبقى، وبعض المحللين يعتبر ان توزير الخصاونة، وهو دبلوماسي كفء بلا شك، مقدمة لاخراج جودة من المشهد، او اضعافه، تدريجيا، وفي ذات الظلال، كلام عن خلافات قديمة، بين جودة واسماء معينة، استيقظت فجأة هذه الشهور، ويراد لها ان تسوى، عبر اضعافه واخراجه، وعلى الاقل تقاسم الوزارة التي يتولى اعمالها، اضافة الى خلافات مستجدة مع شخصيات معينة.
كل هذا ليس مهما. ما هو مهم، أمران، اولهما ان الحساسيات الشخصية يجب ان لا تنتقل الى صياغة القرارات، فخروج جودة نهاية المطاف، امر طبيعي ومتوقع، ولن يبقى مدى الحياة، لكن لا يجوز ان يصاغ القرار، او يوحى به، جراء حساسيات شخصية، او حسابات عالقة وقديمة وجديدة، كما ان الاهم، يرتبط بأداء الوزير الفعلي، على مستوى السياسة الخارجية، واذا ماكان بقاؤه او خروجه يخدم البلد، وهو أمر قد لايكون بإمكان اكثريتنا تقييمه، لعدم اطلاعنا على ما يجري، فالامر محصور فعليا، بمركز القرار ، لديه القدرة، على تحديد خلاصة هذا التقييم.
تتسلى عمان السياسية في اوقات فراغها، بحكايات الوزارة ذات الرأسين، وننسى جميعا، ماهو اهم، اذ ننسى البلد، الذي وصل اقتصاده الى اصعب المراحل، ونتعامى عن تغيرات المشهد في الاقليم سورياً وعراقيا، فوق كل الاحداث التي تعصف بالداخل الاردني، والاقليم، وتصير قصتنا، هل سيبقى جودة او سيخرج، وهل ثنائية الخارجية تعبر عن بدء اضعاف الرجل، ام انها مجرد تقاسمات وظيفية، وهل هناك انسجام بين جودة والرئيس، او جودة وغيره من نافذين، ام انه لا انسجام؟!.
ولنفترض ان الرجل خرج بتعديل وزاري، فماذا بعد، وبماذا سنتسلى لحظتها، بعد ان اصبحت اولوياتنا، نهش بعضنا البعض، دون سبب مقنع، فيما عيوننا مغمضة، ازاء المشهد الاهم، مشهد البلد ذاته والى اين يذهب، ولعله من المؤسف ان يقال اليوم، ان تصغير البلد، على مقاسات امزجة الراضين والغاضبين، أمر مزعج جدا.
الدستور