الورقة النقاشية السادسة .. الملكية الدستورية خير لا بد منه
د.م أيمن الخزاعلة
13-12-2016 10:35 PM
منذ ان اطلق الملك ورقته النقاشية السادسة - و التي بكل تأكيد تسجل كانفتاح، و محاولة من راس الدولة و رئيس السلطات للعمل على السير قدما نحو الاصلاح ،و الاتجاه بالدولة نحو مصاف الدول المعتبرة التي تحظى بتوصيف المؤسسية - و النقاش دائر حول ماهية هذه الورقة و توقيت خروجها للعلن.
فالبعض فسر ذلك بأنها جاءت استكمالا للحديث المستمر حول التوجه الى تحقيق العدالة و تطبيق القانون، و البعض الاخر ذهب بعيدا الى الدولة المدنية بالمفهوم العلماني المتطرف المضاد للدولة الدينية، فيما يرى بعض المراقبين انها دعوة الى الدولة المدنية التي يكرس بها مفهوم انفاذ القانون بكل حيثياته، و لا يغفل فيها الدين خصوصا في صورته الاعتدالية، و ايا كان التأويل فإن الأمر الأهم هو ليس في ايجاد مفاهيم تفسيرية للورقة، و انما لا بد من التوجه نحو اليات تحقيق المطلب الجماهيري الموحد في ان يكون القانون سيد الموقف، و ان تأخد العدالة مجراها، و ان يقف جميع الاردنيين سواء في التقاضي، و ان تختفي مفاهيم الواسطة و المحسوبية و التصنيف الطبقي التي بات كثير من الاردنيين مؤمنا بوجودها حد اليقين.
أجل ، نحن احوج اليوم الى تفعيل سيادة القانون، و محاربة كل اشكال التمييز التي ضمنها الدستور و نادت بها كل الشرائع، و قد يكون المخرج الأوحد صوب الحل في التحول الحقيقي من الحكم الفردي الى الحكم المؤسسي الجمعي، فاليوم الثقة في مؤسسات الدولة لا سيما الحكومة و البرلمان باتت مهدورة واصبح المواطن- و لا نختزل رأي الجميع - فاقدا للأمل في ان يحدث تغيير حقيقي، بل ان كثير من مؤسسات الدولة اضحت مادة جيدة للتندر و الضحك في المجالس و حيثما كان.
نحن اليوم ادا ما اردنا السعي نحو تحقيق مضمون الورقة الملكية السادسة او حتى ما سبقها من اوراق، فإننا لا بد و بكل الوضوح من اعادة طرح مفهوم الملكية الدستورية بمعناه الصريح لكل الاردنيين نحو ان يسود الملك و يبقى النظام، و هو ما يجمع عليه غالبية المواطنين، و ما يحقق لهم الأمان كحل وسيط في ظل تركيبات سكانية و ايدولوجية متنوعة و متناقضة احيانا كثيرة .
لتكن أول و أوضح الخطوات الاصلاحية و ربما الانجع ان نحدد المهام و المسؤليات، و ان نتخلص من مفاهيم الاختباء خلف الملك و الادعاء بتنفيد رغباته، و لنقطع الطريق على المتربصين و العابثين الذين لا يألون جهدا في محاولة تحميل رأس الدولة مسؤولية المآلات الاخيرة فيما يخص المديونية و العجز و ازدياد نسب الفقر و الجريمة و العنف المجتمعي مدعين بان الملك هو صاحب الصلاحيات الملطلقة و الواسعة و ان كل ما يحدث يتم بأوامر من فوق.
بقي ان أروي حدثا كنت شاهد عيان على تفصيلاته في سوق ابو نصير التجاري، حيث أتت فرق الامانة معززة بالشرطة و قامت بلا هوادة بنثر اعشاش غلابى من الاردنيين، فضلوا الجلوس خلف بسطاتهم في الاجواء الباردة على ان يتسولوا او ان تمتد أيديهم للمال العام و الخاص و ارتأوا ان يحاولوا جاهدين التشبث و مقاولة ضنك العيش. نتذكر جيدا بأننا ننادي بتنفيد القانون و ندعي حب التنظيم، و لكن اليس للقانون روح، او لم يفعلها عمر عندما اوقف حد السرقة في الظروف الحالكة. الحل الأسهل و المجدي لن يكون الا في الملكية الدستورية، لكي يعرف كل مسؤول ما له و ما عليه، فليس له فقط ان ينظم السوق باخراج طالبي الرزق، و انما ايضا عليه خلق حلول تضمن لهم كرامة العيش...هذا كله لن يتحقق الا اذا ذهبنا و بوضوح باتجاه واحد و حل واحد... حب النظام و محاسبة المقصر.
رئيس جمعية الهندسة السياسية