وضعت نانسي بيلوسي الرئيس الأمريكي جورج بوش في موقف شديد الحرج وكذلك الإدارة الأمريكية، بإقدامها على زيارة سوريا التي التقت خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، مع تصريحاتها بضرورة (محاورة) سوريا بدلا من اخذ موقف العداء تجاهها، دون سماع الرأي الآخر، هذه الخطوة التي أقدمت (نانسي) – رئيسة مجلس النواب الأمريكي والتي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي- عليها تعتبر خطوة جريئة وقوية نحو تغيير نظرة(العالم) للسياسة الأمريكية الخارجية التي (سقطت) بسبب (سوء) قرارات إدارة بوش و (توريط) أمريكا بسبب هذه السياسات السيئة في حروب ومشاكل مع العديد من دول العالم.إن نظرة العالم الآن للولايات المتحدة الأمريكية تصب في اتجاه واحد وهو أن أمريكا هي البلد المسبب للدمار والخراب في معظم أنحاء العالم، وهي السبب في قتل وتشريد مئات الآلاف من الناس، وهي السبب في مقتل العديد من الجنود الأمريكيين الذين يقاتلون من اجل قضية (خاسرة) خارج حدود الوطن.. وهي السياسة التي جلبت لأمريكا ظروفا اقتصادية سيئة وهي التي شوهت صورة أمريكا الديمقراطية التي كانت تعتبر نفسها مثالا يحتذى في هذا المجال فأضحت دولة إرهابية تدعي أنها تحارب الإرهاب.
إن ما أقدمت عليه (نانسي بيلوسي) يعتبر بكل المقاييس دفعة قوية وقوية جدا للديمقراطيين للفوز بمقعد الرئاسة في الانتخابات للرئاسة الأمريكية القادمة، فهي تثبت للشعب الأمريكي أولا بان أمريكا قادرة على استعادة دورها الحيوي في المنطقة والذي سيقود إلى السلام والهيمنة في نفس الوقت بدلا من سياسة بوش (التخبيصية) التي لم تجلب لأمريكا والشعب الأمريكي سوى الوقوع في مستنقع من الوحل الذي لا يجلب معه إلا (الأوساخ) والطين.
إن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام خيارين لا ثالث لهما.. الأول: أن يواصل سياسته (التدميرية) فيعطي بذلك مقعد الرئاسة بكل بساطة للديمقراطيين دون عناء يذكر وهو بذلك طبعا (يفيد) العالم ويخلصنا جميعا من وجود (الجمهوريين) وسياستهم الفاشلة في العالم والذين لم يستثمروا كونهم أعظم دولة في العالم لتكون المثال والقدوة في السلام والأمان.. أما الخيار الثاني: فهو أن يبادر الرئيس بوش وإدارته لسبق الديمقراطيين بما سيقدمون عليه، فتبادر إدارته بفتح الملفات العالقة وإيجاد حلول سريعة لها، ومحاورة العالم بدل مواجهته، والإسراع في إيجاد موقف وحل في فلسطين والعراق ولبنان، وبتقديم يد العون للدول المحتاجة لها، وإعادة ترتيب الأوراق الداخلية في أمريكا من أجل إيجاد فسحة أمل للجمهوريين ليحققوا نجاحهم في الانتخابات القادمة، وطبعا اشك ، أنا شخصيا، في قدرة الإدارة الأمريكية الحالية على اتخاذ موقف كهذا، فكبرياؤها لن يسمح، وبالتالي (هذا ما أتمناه شخصيا) حتى نتخلص من (الجمهوريين) ليحل الديمقراطيين محلهم في قيادة الولايات المتحدة ضمن سياسة جديدة قد تكون (الأعدل) في ظل الظروف الحالية التي يمر فيها العالم.
نانسي.. رقصت الإدارة الأمريكية على (الوحدة ونص)، وجعلت كل قرارات وتصريحات بوش على مدى سبع سنوات سابقة تذهب أدراج الرياح لأنها كسرت حاجز العزلة السورية وفتحت معها طريقا نحو التفاوض والتحاور، خاصة أن سوريا العام القادم ستستضيف وتترأس القمة العربية العشرين، وأبدت تعاونا كبيرا حول حل الأزمة في لبنان وستشهد في الأيام والأسابيع القادمة حركة دبلوماسية مكثفة، لم ترد (نانسي) لأمريكا أن تغيب عن هكذا حراك سياسي.. فكانت أذكى من (بوش) في اتخاذ الخطوة المناسبة في الوقت المناسب.. انه درس من الديمقراطيين للجمهوريين في ملاحقة التطورات في العالم.. فهل يعقلوه؟