الدعوة الملكية لتحقيق التوازن بين الحريات الصحفية والحقوق الشخصية
أحمد جميل شاكر
17-10-2008 03:00 AM
خطاب العرش السامي الذي افتتح به جلالة الملك عبدالله الثاني الدورة العادية لمجلس الامة يشكل برنامج عمل للحكومة في عامها الثاني ، ويرسم معالم الطريق لمرحلة صعبة قادمة ، بعد ان اجتاز الاردن وبقيادته الحكيمة عقبات كثيرة ، كان في مقدمتها الاثار السلبية الناجمة عن الارتفاع الحاد لأسعار النفط.
لقد أعاد جلالة الملك الى الأذهان ما كان يؤكد عليه منذ توليه سلطاته الدستورية حرصه على ترسيخ جذور الديمقراطية وثقافتها واعتماد الحوار وسيلة للتواصل الحضاري لأن المكانة التي يطمح الاردن للوصول اليها على المستوى العربي والعالمي على صعيد الحريات والانفتاح السياسي يتطلب عملا وجهدا رسميا من جميع الجهات لتعزيز التنمية السياسية والتي تعتبر جزءاً من التنمية الشاملة التي نسعى لها جميعاً ، الأمر الذي لا بد من تعظيم المشاركة الشعبية في بيئة تسودها قيم التسامح وحرية الفكر ورعاية الابداع ، وهذا يتطلب من الاعلام الوطني كما قال جلالة الملك مساهمة أساسية وفاعلة من كل المؤسسات الاعلامية والافراد ، فهم عيون الناس على الحقيقة واحدى ركائز مجتمعنا الديمقراطي.
لقد وضع جلالة الملك النقاط على الحروف وبأفصح العبارات جدد دعوته لكل الاعلاميين الى التمسك بمبادىء المهنية والموضوعية للحفاظ على التوازن الضروري بين الحريات الصحفية و الحقوق الشخصية ، وانه لا بد ن ان يقابل الارتقاء في مستوى النقد والجرأة والطرح والتعليق ارتقاء في سبل البحث والتحليل ، وان الصحافة هي مهنة راقية هدفها الحفاظ على المصلحة العامة وخير المجتمع وتشكيل الرأي العام بعيداً عن التضليل ، وتحويل الرأي الشخصي الى حقيقة عامة ، وهذا ما سيضع على كاهل المؤسسات الصحفية والاعلامية مسؤولية جسيمة تكمن في الارتقاء بالمستوى المهني ، والتأكد من صحة المعلومات ودقتها وعدم الانسياق وراء الأهواء الشخصية وتغليب المصلحة الوطنية العليا على اية مصلحة ضيقة والالتزام بالميثاق الأخلاقي للمهنة وتحكيم العقل والمنطق ، والابتعاد عن الشخصنة ، وهذا يتطلب انفتاحاً واسعا من الاجهزة الرسمية التي تملك المعلومة ان لا يبخل عنها عن الاعلاميين ، حتى ولو لم تكن للنشر ، لأنه لا بد من وضع حد للاشاعات والأقاويل والتي بدأت تطغى على مجتمعنا وتكاد تتحول الى معلومة في غياب المعلومة الحقيقية.