وصلتوا الناس للديار السوداء
عدنان الروسان
13-12-2016 02:07 AM
يستل " الجفت " و الجفت هو بندقية الصيد و يصوبه نحو زوجته فيقتلها ، ثم يصوبه مرة أخرى نحو ابنه البكر فيقتله ثم نحو ابنته العروس لتي ستزف إلى زوجها فتنتقل روحها إلى بارئها ثم تفر البنت الثانية قبل أن يأتي دورها ، ثم يرمي السلاح من يده و يذهب و يسلم إلى نفسه للشرطة ، في لحظة واحدة يقضي رب عائلة على عائلته كلها و دون أن يرف له جفن ، ثم يسأل عن السبب فيقول ، لا أدري ليس هناك سبب ، شاب آخر يستل سكينا فيقطع رأس أمه و يخرج عينيها من محجريهما ثم يسلم نفسه للشرطة ، ستيني ينتحر ، أربعيني يطلق النار على نفسه ، ثلاثيني يرمي نفسه عن عمارة عالية ، سائق تكسي يتعرى بالشارع ، رجل يبيع سيارته بخمسمائة دينار و يدفع رسوم نقل الملكية أربعمائة و خمسون فيجن جنونه و يأكل وصل دفع المبلغ و يرقص و يصور نفسه و يبث ما صوره على اليوتيوب بوجه مكشوف ، انتحارات كل يوم و اقرؤوا الصحافة المحلية كل يوم و عدوا ...
المسئولون الحكوميون يعلقون بكل برود ، هذا إن علقوا على ما يجري بأنه شيء عادي في المجتمع و تشهد كل مجتمعات الدنيا مثل هذه الأعمال و هم يعلمون أنهم لا يقولون الحقيقة ، و أن الذي يحصل هو نتاج سياسات حكومية لا تنقطع و لا تنتهي بانتهاء حكومة و مجيء أخرى ن سياسات أدت إلى تجويع الناس و إيصالهم إلى " الديار السودا " ، الناس يشحدون الملح ، الناس يا حكومة يبيعون أبواب منازلهم ليشتروا خبزا و بصلا ، الناس يسرقون و ينصبون ، بعض الناس يبيعون ما لا يباع و الذين لا يجدون ما يبيعونه يقتلون أنفسهم أو يقتلون عائلاتهم و يذهبون في درب الآلام درب الموت الغامض الذب بات شبحه يسيطر على كل الأردنيين إلا قليلا منهم .
لا أعرف قاتل عائلته و ابنته العروس ، لكن التحقيقات ستظهر انه معدم فقير و أن زفاف ابنته الذي كان متوقعا وضعه في موقف حرج لأن ابنته الأخرى تريد فستانا تحضر به عرس شقيقتها ، و امرأته تريد عشرة دنانير " تنقط ابنتها " أمام الناس و الرجل كسيرا ذليلا لا يملك ثمن " باكيت تتن " ، هذا هو السيناريو المتوقع أو شيء شبيه به بالطبع ما بدناش روايات هبل أنه يعاني من مرض نفسي و كان يتلقى العلاج بالفحيص و غير ذلك من الإدعاءات التي نريد أن نسكت بها ضمائر الناس .
العنف المجتمعي يجب أن يقلق الحكومة لأنه قد يتبلور ليصبح شيئا منظما و سنقلب عنفا سياسيا و يأخذ منحا آخر في لحظة ما ، و هذا أمر ليس في مصلحة الوطن ، إن الأداء الحكومي للحكومة الحالية و التي سبقتها مستمر مع سبق الإصرار و الترصد في زيادة خيبة الأمل و الإحباط و اليأس التي يعاني منها الأردنيون الفقراء و الذين يشكلون ثلاثة أرباع المجتمع ، و صار الناس يتساءلون عن الحكمة من إيواء الأردن لملايين اللاجئين و الفارين من الحروب في بلادهم و مواطنيه يعيشون في حالة لجوء و نزوح في وطنهم و يعانون القلة و الأمرين في أسباب معيشتهم ،ما الحكمة من كل السياسة الخارجية التي نصرف عليها ملايين الدولارات إذا كان الداخل ليس مستريحا و إذا كان الشعب ينتحر و يقتل نفسه من الذل و الجوع ، و لا يجب على أحد أن يظن أن هناك مبالغة في الأمر فحالات الانتحار ازدادت بأكثر من مائة بالمائة عن السابق في اقل تقدير و بات حديث الناس كلهم حديثا سوداويا محبطا.
المتخمون و اللصوص و المسئولون الحكوميون الشرفاء على السواء عليهم أن ينظروا إلى المسألة بأقصى درجات الجدية فالصمت الذي يلف المشهد المجتمعي صمت مدو و يكاد يصم الآذان لمن ألقى السمع و هو شهيد ، أما الذين يعيشون في أبراجهم العاجية مطمئنين لا مبالين بأحوال الناس و جوعهم و عطشهم فيا حسرة عليهم في الدنيا و في الآخرة .
يا حكومة احذروا صولة الحليم إذا جاع و العزيز إذا ذل ، و اعلموا أن الأردنيين باتوا جياعا و هذا سبب العنف في العائلات و الجامعات و المجمعات و غيرها ، الحقوا الناس قبل أن تضيع الأمور و لا نجد منها مخرجا.