إعادة إنتاج الحلول .. إلى متى؟
عمر عليمات
13-12-2016 01:11 AM
المتابع للمتغيرات الاجتماعية والفكرية التي تؤثر بشكل فعلي وعميق في واقعنا الاجتماعي، يدرك تماماً بأن المجتمع الأردني لم يعد ذلك المجتمع الذي نعرفه، نظراً للعديد من المؤثرات، لعل من أبرزها التغيير الكبير في التركيبة السكانية، وتعدد الثقافات، ومن هنا فإن الإصرار على المعالجات التقليدية، وإعادة إنتاج الحلول للمشكلات الاجتماعية، باتت جزءاً من المشكلة، وليست طريقاً للحل.
فتأكيد أن مجتمعنا ليس مجتمعاً عنيفاً، هروب من المشكلة، وتغاض عن مرض ينخر في نسيجنا الوطني كل يوم، إلى أن يصل إلى مرحلة، لا سمح الله، لا ينفع معها تفكير ولا تخطيط.
الملك عبدالله الثاني دق ناقوس الخطر، عندما وصف العنف الجامعي بأنه "خط أحمر"، وتدخل رأس الدولة للحديث في هذا الموضوع، يعني أنه لم يعد قضية عابرة بل مشكلة تؤرق الدولة بكل أركانها، والسؤال: منذ متى يتحدث الأردنيون عن العنف الجامعي؟ ولماذا في كل عام نعيد نفس الأسطوانة بأننا نعمل على استراتيجيات وخطط؟ بينما لا نرى نتائج، وكأن خططنا طويلة الأمد تستهدف جيلاً لم يولد بعد.
قيل إن معظم النار من مستصغر الشرر، فلا تهاون في موضوع العنف المجتمعي الذي يضرب مختلف نواحي حياتنا، فالقضية ليست حادثة هنا وهناك، بل أزمة حقيقية قد تصل إلى نتائج لا تحمد عقباها، وبعيداً عن التطرف في الطرح فإن الواقع يحتم علينا القول بأن المجتمعات العنيفة تمثل بيئة خصبة لنمو بذور الإرهاب، فالإرهاب يقوم على تغليب لغة القوة على لغة العقل، ورفض الآخر باعتبار الاختلاف في الرأي أساساً للعداوة، والمجتمعات التي ينتشر فيها العنف تمثل هدفاً سهلاً للتنظيمات التي تعمل ليلاً ونهاراً على الولوج إلى عقول الشباب وتغذية التطرف والعنف لديهم، وصولاً للسيطرة على أفكارهم وتوجيههم حسب ما تقتضي أهدافهم الظلامية التدميرية.
مجتمعنا الأردني تعرض لهزات اجتماعية عنيفة، غذتها ظروف اقتصادية صعبة، وإحباط وتشاؤم لدى جيل الشباب، وكل ذلك مدعوم بحالة عنف وتطرف تخيم على المنطقة بأكملها، هذه المعطيات تتطلب حلولاً لحماية مجتمعنا والحفاظ على نسيجنا الوطني الذي كان دائماً هو الضمانة الحقيقية لاستقرار الدولة وقدرتها على الصمود في مواجهة التحديات.
عندما نتحدث عن العنف، فإننا نتحدث عن مستقبل البلد، ومستقبل أبنائنا، وقدرتنا على الصمود في واقع يموج بأهوال الحروب والنزاعات، وهذا ما يحتم علينا الابتعاد عن التنظير والتخطيط الذي لا ينتج سوى دراسات للاطلاع والحفظ، فنحن أمام واقع اجتماعي لابد أن يتم التعامل مع معطياته الحالية وعدم الاتكاء على معطيات عفا عليها الزمان، فما عدنا كما كنا، مجتمعاً متجانساً ومترابطاً، بل أصبحنا مجتمعات في مجتمع، وحالة من العشوائية التي تعصف بجذورنا وثوابتنا، الأمر الذي أفرز ويفرز كل يوم واقعاً وتحدياً جديداً، لذا يجب علينا أن نقف وقفة صادقة، ونعالج قضايانا بعمق وتمعن بعيد عن بهرجة المؤتمرات والندوات وورش العصف الذهني.