لا أعرف لماذا تذكرت مسرحية تاجر البندقية لويليام شكسبير بينما كنت أقرأ إحصائية الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد والتي سجلت أعلى مستوى لها في تشرين الثاني من العام الحالي كما تقول الإحصائية.
قصة قطع رطل من اللحم، من اي جزء يختاره الدائن من جسم المدين كما وردت في المسرحية ,طرحت سؤالا قانونيا وجدليا فيما بعد ولا زال حول تنظيم العلاقة بين الدائن والمدين في كيفية إسترداد الدين , وكان السؤال هل المقترض مدين بماله فقط أم بماله ونفسه , حتى أن بعض القوانين في غابر الأزمان كانت تضع المدين وماله وعياله رهنا لتصرف الدائن الذي يستبيحهم بمجرد عجز المدين عن السداد.
القوانين في بعض الدول تعتبر إصدار الشيكات هي إصدار نقد وعدم الوفاء به أو الإخلال فيه يوازي تزوير العملة , وبعضها أوقع عقوبات قاسية على مصدر الشيك مثل مصادرة حريته بالحبس , بإعتباره مدينا بماله ونفسه كما هو معمول به في الأردن وإن كانت تسهيلات كبيرة طورت العقوبة بحيث أصبحت غرامة إستبدال العقوبة والمصالحة بالسداد شرطا لوقف عقوبة الحبس لكن ذلك أبقى العقوبة بسلب الحرية بيد الدائن دون أي تدخل للقاضي أو للقانون.
وزير العدل السابق أيمن عودة كان إتخذ قرارا جريئا أوقف بموجبه عقوبة الحبس أو العقوبة الجزائية بحق مصدر الشيكات المكتبية وإعتبرها لا تقع ضمن الجرائم لأنها غير قابلة للتقاص بين البنوك , لكن ذلك كان نصف الكأس أما النصف الآخر فهو الشيكات القابلة للتقاص بين البنوك.
هل يتعامل القانون بقسوة مع مصدر الشيك من دون رصيد وما هو حكم الشيكات المؤجلة وهي نقد يصبح متداولا في حالة التدوير ويرفع في ذات الوقت من قيمة النقد المتداول حتى لو كان وهميا.
الشيك بدون رصيد في القانون الأردني جريمة تستحق السجن، وهي عقوبة لم تعرفها إقتصاديات وقوانين دول كثيرة في العالم التي تضعه في مصاف الكمبيالة والسند في إثبات المديونية لكنه بالنسبة للدائن الذي يلوح بالعقوبة لإسترداد الدين شكل ولا زال وسيلة ضغط لابتزاز المدين ووضعه تحت التهديد مع أن العقوبة يجب أن تطال مصدر الشيك ومن قبل به في وضع التأجيل أو من يعرف مسبقا أنه بلا رصيد وهذا ما تفعله البنوك أيضا.
وإذا كان الحق الشخصي في حالة عدم الوفاء بالدين إن كان مثبتا بشيك يكفل حق الدائن فما هو شأن الحق العام في ذلك بإعتبار أن الشيك كان ولا زال شكلا من أشكال تنظيم العلاقة بين مقرض ومقترض وإن كان من إيذاء حصل فهو فقط محصور بينهما ما دام لم يتسبب بأية أثار سلبية على المجتمع وعلى الغير.
محرك البحث دلني على تصريحات لوزير العدل السابق بسام التلهوني , وهي أن القانون أصبح يتعامل مع الشيكات المرتجعة كجنحة صلحية وتم إلغاء قضية الجنحة البدائية، بسبب العبء الكبير الذي تشكله قضايا الشيكات المرتجعة على المحاكم لكن ماذا عن إستمرار التعامل معها كجريمة أو عقوبة، وهل تم فعلا إلغاء توقيف الأشخاص المسجل بحقهم قضايا شيكات مرتجعة ؟.
الراي