دم عرفات ومؤتمر المقاطعة!
رجا طلب
10-12-2016 12:57 AM
كان الرئيس محمود عباس قد هيأ الجمهور الفلسطيني والعربي لمفاجأة كبرى خلال انعقاد جلسات المؤتمر السابع لحركة فتح، والمفاجأة وكما أعلن عنها مسبقاً هي الكشف عن اسم أو أسماء الذين تورطوا في عملية اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أما المفاجأة الفعلية فهي أن المؤتمر لم يدرج ملف التحقيق في اغتيال عرفات على جدول أعماله وهو الأمر الذي استفز وبشدة اللواء توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق في موضوع الاغتيال، حيث كان الطيراوي يدفع بقوة باتجاه إدراج الموضوع على جدول الأعمال لاعتقاده أولاً أنه من أهم القضايا التي تمس القضية الفلسطينية حيث شكل اغتيال عرفات حالة انتكاسة غير مسبوقة في مسيرة النضال الفلسطيني وكان وسيبقى من الواجب كشف كل الحقائق بخصوص هذا الملف الغامض. وثانياً: لأن المؤتمر السابع لحركة فتح التي تزعمها ياسر عرفات منذ انطلاقتها في 1965 حتى استشهاده في 2004 هو المكان "المقدس" الذي من المفترض أن يعلن من خلاله أين وصل التحقيق وما هي نتائجه؟
تفاجأ الطيراوى كما تفاجأ عدد من الشخصيات الوازنة في داخل المؤتمر من تغييب كامل للملف وأن عباس الذي كان يهدد بالإعلان عن اسم أو أسماء المتورطين في عملية الاغتيال كلف مدير مخابراته ماجد فرج ونجليه ياسر وطارق للتواصل مع أعضاء المؤتمر لإقناعهم بأن لا حاجة لإدراج هذا الملف في المؤتمر.
لماذا فعل الرئيس عباس كل ذلك؟
لم تكن أغلبية المشاركين في المؤتمر قادرة على الجواب، وكان التساؤل هو سيد الموقف، ماذا يريد الرئيس؟
لم يبق السؤال معلقاً لفترة طويلة بلا إجابة، فقد جاءت سريعة ومريبة من القناة العاشرة الإسرائيلية التي توصف بأنها الأكثر قرباً من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حيث قالت هذه القناة إن وثيقة سربها مكتب عباس للقناة تشير إلى اتهام محمد دحلان شخصياً بتنفيذ مهمة اغتيال ياسر عرفات، وتشرح القناة وحسب الوثيقة المسربة من ملف التحقيق كيف تمت عملية الاغتيال بقولها إن محمد دحلان أدخل وخلال مرافقته لوفد أجنبي "زار عرفات" أدوية بديلة سامة له.
الرواية "الموسادية" عبر القناة العاشرة لم تحدد هوية هذا الوفد كما لم تحدد أين استقبله عرفات؟ هل كان الاستقبال في المقاطعة عندما كان محاصراً منذ 2002 حتى 2004، أم كان وفداً استقبله في المشفي الباريسي، وفي كلا الحالتين فإن هذا الكلام الغامض والمبهم هو نوع من أنواع "الشائعة القاتلة" التي يراد منها اغتيال الشخصية.
يبدو من سياق الأحداث أن القناة العاشرة قامت بما لم يقم به المؤتمر، وكانت معلومات قد تسربت تتحدث عن أن اللواء الطيراوى أبلغ عباس أن فتح الملف من أجل اغتيال دحلان أو غيره خلال المؤتمر واتهامه باغتيال عرفات لن يقبل به لأنه تزوير للحقائق، وأن الصحيح والمطلوب هو إدراج موضوع الاغتيال على جدول الأعمال فى جلسة سرية أو علنية لكي يُوضع أعضاء المؤتمر بنتائج التحقيق والى أين وصل.
خبر القناة العاشرة الإسرائيلية كان محاولة فاشلة لتبرئة إسرائيل من دم عرفات ولاغتيال محمد دحلان سياسياً وشعبياً، وزيادة حالة الاحتقان داخل حركة فتح بعد أن ذهب المؤتمر من الناحية العملية نحو شرخ الحركة وإضعافها على الصعيدين السياسي والتنظيمي، وهي نتيجة تصب في صالح طرفين اثنين الأول إسرائيل أما الطرف الثاني فهي حركة حماس التي جرى تفاهم إسرائيلي – تركي بشأنها أبرز عناصره سيطرتها على الضفة الغربية بالإضافة لغزة مقابل موافقتها على سلام مع إسرائيل من خلال هدنة طويلة الأمد ضمن ترتيبات أمنية محددة تكفل لإسرائيل أمنها.
24