قراءة حجاجية في الورقة الملكية السادسة "سيادة القانون أساس الدولة المدنية"د. نزار قبيلات
09-12-2016 03:56 PM
غاية هذا المقال المقتضب الوقوف على الأوراق النقاشية الملكية (الورقة السادسة) بغية تبياناستراتيجية الخطاب الموجه في هذه الورقة وتأطير قوة الحجة المقدمة من لدن صاحب الجلالة في طرحه الذي أسماه منذ البدء بـ"أوراق نقاشية"، إذ تفتح هذا الأوراق الباب واسعاً للتحاور والتأتي معها، فاستراتيجيتها بدايةً هي استراتيجية تضامنية غير معهودة في مثل هذا المقام؛ بمعنى أن الخطاب أو المرسوم الملكي في العادة يقدم خطاباً توجيهياً إيعازياً لكنه هنا جاء ليكرّس علاقة تحاور يتساوى فيها الطرفان -الباث و المستقبل- لاعلاقة الرئيس بالمرؤوس،
إنّ التركيز على الجملة الاسميةبوصفها أسلوب إخبار دون الفعلية يسمح بطاقة تأكيدية أبلغ من حيث التشديد على مواضيع الطرح والإلحاح على الفكرة التي يحملها هذا الضّربمن الجمل، إذ ليس هذا من قبيل الإطناب أو الحشو وإنما دليل على توجيه عناية المتقبّل بالأفكار المطروحة للنقاش وأهميتها لدى الباث (جلالة الملك)، ولهذا جرى التأكيد على قضايا من مثل: عدم التواني في تطبيق القانون ...، وتطوير الإدارة الحكومية..... والتطبيق الدقيق لمواد القانون..... و مبدأ سيادته... كل ذلك وغيره صُدِّر بحرف التوكيد "إنّ". كما وردَ استفهامٌ استنكاريٌ وحيد في هذه الأوراقكان هدفه الاستحواذ على وعي المخاطب وتغيير تصوراته بإرادته هو، وخلق الشعور لديه بأنه طرف فاعل في الخطابليغدو الأمر المستفهم عنه بالإنكار مبعث إقرار من لدنه هو، فالغاية من الاستفهام من منظور حجاجيّ هو الإثارة ودفع المتقبّل إلى إعلان موقفه إزاء المشكل المطروح؛ أي أنّ الباث إذا أراد التركيز على نقطة دون غيرهاليظهر قلقه نحوها فإنه يصوغها استفهاما، فقد جاء في الورقة....:(فأي جيل يمكن أن يحمي سيادة القانون أو أن يدير مؤسساتنا وقد ترسخت الولاءات الفرعية فيه على حساب الوطن؟) فجلالته يبرز رأيههنا مُشدّداً ومستنكراً- في آن- العنف الجامعي الناجم عن حسٍّ تفكيكي نبَتَجراءولاءات مناطقية وعشائرية طارئة على الفهم العام للوطنية. لقد أبرزت الورقة صوراًحسيّة وواقعية كثيرة، وركزت على قوة الإخبار وكرّرته، و لم تكتفِ بذلك بل وراح خطابُها وصاحبها يعمِدان إلى تقنية الاستدعاء المشترك للإرث النبوي المتمثل بميثاق صحيفة المدينة المنوّرة وذلك بوصف هذا الاستدعاء في هذه الأوراقبمثابة تعاقد ثقافي بين الباث والمستقبل، فأيّ تحاور بين شركينيقفان على أرضية واحدة لا بد من أن ينطلق من خلفية جامعة يكون لها بليغ الأثر في تحقيق الانسجام والتشابك الإيجابي بين كل منهما. وعليه، فقد خُصّص الطّرح في هذه الأوراق للمجتمع الأردني بوصفه المتلقي الخاص الموجه له الخطاب الحجاجي هذا عبر أوراق للنقاش اكتسبت التنكير في العنوان لا التعريف بـ(أل)وما ذلك إلاّ للتدليل على أن الباث لم يركن بعد للخطاب التوجيهي لأنه بحاجة للقاء المتلقي والتفاهم معه على القرار السّيادي الذي لا يريد صاحبه إصداره قبل محاورة المتلقي والاستئناس برأيه وإعطائه دوره. وفي ختام هذه التتبعة التي درست الأوراق من منظورلغويّ بلاغيّ حديث عُرف بـ" نظرية الحجاج"، يرى الكاتب أنّ المحتوى المضموني للأوراق ذهب إلى أقصى مستويات المشاركة والاشتباك مع الآخر الذي قد يكون مُعارضاً أو موظفاً حكومياً او فرداً من غير ذي منصب أو اتجاه سياسي، فقد أبرز جلالته موضوع سيادة القانون التي تعمّ وتشمل كل ما يطرحه الآخرون الذين يرون تقصيراً ربما في التوجيه الملكي، وهو ما نفضه خطاب الأوراق الملكية هذه لا سيما السادسة منهابعد أن جاءتعلى هيئةأوراقٍللنقاش رغبة من جلالتهفي التأتي والنزولإلى ساحة الآخرين ونبذ الإيعاز، فسيادة القانون المبرزة في الخطاب تمثل مضاداً حيوياً لكل أمراض ومعيقات النهوض والمدنية التي يطالَب بها الجميع، فتنتفي بذلك صيغة المعارَضة ما لم تأتِ بحجة وطرحٍ يعلوان على حجة هذه الأوراق.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة