قبل ان تشـــــيخ "المواطنـــــــــــة"
المهندس يوسف القرنة
06-12-2016 03:11 PM
ليس سرا او من نافلة القول اليوم الربط بين نمو ظاهرة العنف الإجتماعي والتهديد المرجح للحياة الإجتماعية والإستقرار العام.
يحار المرء في قراءة خلفيات العنف الإجتماعي ..فهل الســــبب الفقر والبطالة؟ ،ام الاحباط السياسي والاجتماعي ام تكريس مفهوم خاطئ للثقافة المجتمعية وشيطنة العشائرية والجهوية أم ان السبب له علاقة للجهل الجماعي بالقانون ولضعف الثقة العامة بمبدأ سيادة القانون؟
الإجابـــــــة بطبيعة الحال لا تبدو فورية ومتاحة وتحتاج للمزيد من التعمق والتأمل الوطني المسئول ومن الواضح ان جميع ما ذكر قد يمثل مجتمعاً الأسباب المرجحة.
لكن اعتقد ان السبب الرئيسي هو عدم وجود تطبيق عملي لسيادة القانون والإسترســــــال في الخوف من منهجية المواطنة التي طالما ربطت بنظريات سياسية معلبة يروجها بعض خصوم الإصلاح والمعنيون فقط بمصالحهم الخاصة والضيقة.
المواطنة هي عقد اجتماعي بين الافراد والدولة تتحقق بموجبه حقوق المواطنــــة التي كفلها الدستور والقوانين وركائزها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقبول الآخر.
وينتظم بموجبها سلوك الافراد الســـــــــياسي والاجتماعي مما يؤدي الى مجتمع المواطنين المتساوين الممتثلين أمام القانون وتؤدي الى قيم ومعايير ثقافة قبول الآخر.
انها مســــــــــؤولية الدولة والبرلمان والقوى الوطنية الحرة المستنيرة المؤمنـــــــــة أولا بالهوية الوطنية الجامعـــــة التعددية و ثانيا باقامة مجتمع ديمقراطي يقوم على اساس المواطنة الكاملة بعيدا عن الجنــــس والدين والعرق والطائفة والعشيرة ، تصان فيه الكرامة والحرية الشخصية ويسود فيها القانون والمســـــــاءلة والمحاسبة وصولا ثالثا الى الدولة الوطنية الحديثة والاندماج الاجتماعي بين شرائح المجتمع والتماســـك والاستقرار الاجتماعي الذي يؤدي جزما الى زيادة الانتاجيــــــة والتنمية المستدامة.ويصبح الســـــــلم الاهلي متينا لا تؤثر فيه اية عوامل زعزعة داخلية او خارجية اما بغير ذلك فيكون السلم الاهلي هشا َ ومدعاة لنشر بؤر زعزعة الدولة وأركان القانون.
نظريا الدستور الاردني يتضمن المواد القانونية التي تتناول حقوق المواطن المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعدالة والمساواة وسيادة القانون .ولكن عمليا ثمة هوة عميقة بين تطبيق قيم المواطنة وسيادة القانون ومفاهيم العدالـــــــــــة والمــــساواة والحرية وقبول الآخر وبين الواقع المطبق على الارض وعليه فان كل النظريات عبارة عن تمويه لواقعنا الذي نعيش وعن نمطية مخادعة لأبناء الوطن وللمجتمع .
فقط تطبيق المواطنة يؤدي الى تعزيز الانتماء للهوية الجامعــــــــــــة والولاء للوطن والالتزام بالحقوق والواجبات والمشاركة في المسؤوليات والشأن العام للدولة وتوفير الامن الاجتماعي وتحقيق الذات وبناء القيادات وتتفرغ ذهنية الشباب الى الابداع والابتكار والبحث والاستقصاء والعمل والانجاز وزيادة الانتاجية والعطاء للوطن.
المواطنـــــــــــــة الكاملة تشيخ وتموت اذا لم يتم اعتمادها وممارستها.