الشباب العربي والفرص الضائعة
أ. د. ناهد عميش
06-12-2016 10:15 AM
شاركتُ في الأسبوع الفائت في حفل إطلاق تقرير التنمية الإنسانية العربية في بيروت لعام 2016، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
يتناول هذا التقرير موضوع الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع مُتغير. هذا التقرير يدعو الدول العربية للاستثمار في الشباب؛ ذلك لأن ما يقارب ثلث سكان المنطقة هم من الشباب في أعمار 15-29 عاما، وهناك ثلث آخر يقل عمرهم عن 15 عاماً. ليس ذلك فقط بل أن هذا الحال سيستمر للعقدين القادمين في أغلب الدول العربية مما يعني أن التحدي ليس للفترة الحالية وإنما للعقود القادمة أيضاً.
يبين التقرير أن من أهم التحديات التي يواجهها الشباب في المنطقة العربية هي التراجع في مستوى ونوعية التعليم بكافة مراحله، والذي لم يعد قادراً على تلبية طموحات الشباب العملية كالحصول على العمل؛ وهذا يعني أن العلاقة في التعليم وسوق العمل ضعيفة جداً. يأتي التراجع في نوعية التعليم الذي يتلقاه الشباب في ضوء الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب وتفاعلهم مع الثقافات العالمية المختلفة وهو ما يزيد من اغترابهم وعزلتهم عن مجتمعاتهم. الوضع حسب التقرير أكر سوءا بالنسبة للشابات اللاتي لا يقل تحصيلهن الأكاديمي عن الشباب إن لم يزد، ولكن بدون فرص عمل في القطاع الرسمي مما يؤدي إما الى الإنكفاء عن الحياة العامة، أو العمل بالقطاع غير المنظم بدون حماية وبدخول متدنية.
أضف الى ذلك، أن الصراعات في المنطقة وصعود الأيديولوجيات المحافظة قد أدى إلى تكريس وإعادة إنتاج النظام الأبوي الجديد الذي بات يهدد المكتسبات التي حصلت عليها المرأة العربية في العديد من البلدان العربية.
يناقش التقرير أثر الأزمات والصراعات الداخلية التي تشهدها العديد من الدول العربية والتي وضعت الشباب في الخطوط الأمامية لهذا الصراع حيث إنهم وقعوا فريسة للتطرف مما وضع الكثير منهم في ظروف خطرة حيث أصبحت حياتهم مهددة بالخطر، أو أنهم بالمقابل اضطروا للهجرة خارج أوطانهم بحثاً عن السلم والطمأنينة والتي لا توفِّرها ظروف وقسوة الهجرة.
على المستوى السياسي، يؤكد التقرير أن الغالبية من الشباب العربي غير منخرطين بالعملية السياسية لبلدانهم، وأن حضورهم ضعيف بالأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا يعني أنه لا يوجد لهم دور في تحديد مستقبلهم، أضف إلى ذلك، ضعف المشاركة الاقتصادية للشباب في أغلب الدول العربية، حيث ترتفع البطالة لدى الشباب لأكثر من 35%، في بعض الدول العربية وترتفع أكثر لحملة البكالوريوس وللإناث. هذه الواقع المؤلم للشباب العربي، والذي يؤكده التقرير ، يقودهم للإنسحاب من الحياة العامة واللجوء للجريمة وتعاطي المخدرات التي باتت تشكل ظاهرة مقلقة تستحق الاهتمام والتنبّه والمعالجة.
خلاص القول؛ إنه بالرغم من أن الشباب العربي لا يختلف عن غيره من حيث الطموح لبناء مستقبل يحقق من خلاله أحلامه، إلا أن الغالبية منهم يعانون حالة من التهميش الثلاثي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. لذلك يجب على الحكومات العربية أن تأخذ هذه النتائج بكامل الجديّة لأنها تدق ناقوس الخطر حول واقع الشباب وما يمكن أن يتمخض عن هذا الوضع من نتائج خطرة إذا ما تم تجاهله. بالرغم من كل ما مرت به المنطقة العربية ما زال هناك من يعتقد بأن الربيع العربي كان مُفتعلاً والواقع أن أسباب الإنفجار ما زالت موجودة، وإذا لم يتم إيجاد حلول لمشاكل الشباب العربي فإنهم وبدون شكٍّ سيكونون فريسة للتطرف.