عودة زمن الزراعة الجميل برؤية ملكيّة
د. سليمان عربيات
15-10-2008 03:00 AM
في الزيارة الملكيّة إلى قضاء العارضة في محافظة البلقاء، كان القطاع الزراعي حاضراً في مفردات جلالة الملك وأحاديثه مع المواطنين، منبِّئاً بعودة زمن الزراعة الجميل برؤية ملكيّة. استقبل جلالته استقبالاً شعبياً رائعاً، كما في كل بقعة يحطُّ فيها في بقاع هذا الوطن. أعادت صورة الاستقبال للذاكرة تلك الصور التاريخيّة لطريقة استقبال الأردنيين للقادة الهاشميين الممزوجة بالمحبة والأهازيج الشعبيّة التراثيّة المعبِّرة عن عفوية الولاء وصدق الأحاسيس.
استمع جلالته إلى ممثلي القطاعات المختلفة والهيئات الشعبيّة، وقد نثروا همومهم وتصوُّراتهم بإيجاز أمام جلالته، كان الهمّ الزراعي واضحاً وبدقة. الجولات الملكيّة الميدانية تؤكِّد عمق الصلة والتواصل بين صاحب الولاية والمواطنين دون وسيط أو استئذان من البيروقراطيّة المتجذرة في بعض مؤسسات الحكومة التي لم تستطع كسر حالة الجمود في هياكلها. يتعامل جلالته عادة مع الشؤون المحلية بحضور السلطة التنفيذية والجهات المعنية التي تتفاعل مع التوجيهات الملكيّة بجديّة.
زيارة قضاء العارضة، حيث الناس الطيِّبون وأشجار الصنوبر والسنديان والبلوط وكروم الزيتون والعنب، واحدة من تسع زيارات كرَّم بها جلالته البلقاء وهي نموذج حقيقي وصادق للتعامل وللتفاعل وللتواصل بين القيادة والمواطنين والتعرُّف على احتياجاتهم ووجهات نظرهم، ثمَّ تمتين العلاقة بين المواطن والمسؤول. في حوار المواطنين مع جلالته تمَّ التأكيد على دور الزراعة في الاقتصاد الوطني وبين القطاعات الإنتاجية، وأعاد الحوار للمزارعين حلمهم القديم، حلماً طالما راودهم في زراعة معاصرة وعيش طيب وإحياء قيم العائلة الأردنية ودورها في الزراعة ودور الزراعة في تحقيق الأمن الغذائي.
كان النص الزراعي في حديث الملك العنوان الأبرز بين المصطلحات والتوجيهات الملكية عندما قال: سيكون تركيزي خلال 2009 على الزراعة؛ لأنَّها ستساعدنا في التغلب على كثير من التحديات التي نواجهها والتخفيف من آثارها . كانت الزراعة دائماً حاضرة وأولوية في الخطاب الملكي، وفي كتب التكليف لرؤساء الحكومات وخطاب العرش.
لقد اختار جلالته الوقت المناسب والموقع المناسب لإطلاق الحلم الزراعي والمبادرة الزراعيّة. فالوقت مناسب؛ لأنَّ الزراعة عبر الزمن الأردني كانت جزءاً من الحلم لأولئك الذين عاشوا فوقها وواجهوا سنوات الجفاف والخصب. وكانت الزراعة العمود الفقري لاقتصادهم ومصدر رزقهم، وفيما كانت مؤسسات الوطن تكبر واجهت الزراعة تحديات الزمن وبدأت تفقد مكانتها بين القطاعات الرديفة حتى سميت بالقطاع اليتيم . والموقع مناسب؛ لأنَّ العارضة جزء حقيقي من الريف الأردني سكاناً وموارد واقتصاداً. وقد سميّت هذه المنطقة، بالمنطقة الشفا غورية ، وكانت هناك نوايا لتطويرها وربط تنمية الأغوار بالمرتفعات والبوادي عبر هذه المنطقة التي تمثل تلك الإطلالة المشرفة على وادي الأردن والممتدة بين المرتفعات من الشمال إلى الجنوب.
الرؤية الملكية للزراعة الأردنية، رؤية استشرافية متكاملة وصائبة. وإذا كنّا نسترشد بالرؤية، فإنَّ على أهل الزراعة.. المزارعين.. وزارة الزراعة.. كليات الزراعة.. اتحاد المزارعين ومؤسسة الإقراض الزراعي استثمار الوقت للإعداد لعام الزراعة 2009 كما هو عام سكن كريم لعيش كريم ، وتبنِّي الرؤية الملكية وتجاوز عقدة أنّ الزراعة تشكل فقط نسبة 3% من إجمالي الإنتاج القومي؛ لأنَّ هذا الرقم محبط ومضلل ولا يعكس الحقيقة والتأثير المباشر وغير المباشر للقطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني.
الفرصة ذهبية لالتقاط الشعار الملكي وتحويل الرؤية إلى واقع والحلم إلى حقيقة، فالزراعة تواجه تحديات عميقة وبحاجة إلى خطة إسناد وإنقاذ، وكل ما نحتاج إليه هو تشخيص الواقع وتعميمه وعمل سيناريوهات لخطة للمبادرة الملكية التي تبشِّر بعودة زمن الزراعة الجميل.
الكاتب رئيس جامعة مؤتة