لو كنت اعرف عنوانه، ذلك العبقري سواء كان فردا او حزبا او دولة والذي خطط بهدوء وثقة لما نحن عليه الان في العالم العربي لأرسلت اليه على الفور برقية اخبره فيها انه حقق نجاحا غير مسبوق في التاريخ، فقد استطاع ان يعيد الادمي الى سَعدان وان يجعل الظُفر يخرج عن اللحم بعكس ما اشاعت الامثال الشعبية، كما انه افرغ العقل من حمولته وملأه بما تيسر لديه من خرافات واشباح.
ما يجري الان لي وليد الساعة او قبل عشرة او عشرين سنة، وبدأ باحلال المباريات بكرة الرأس لا القدم بدل المباريات السياسية والثقافية، ثم اجرى جراحة دقيقة للذاكرة وانتزع منها ما يراه اقرب الى الزائدة الدودية وهو الذات، او بمعنى ادق وعي الذات، بحيث يتحول المواطن الى نَسَمة في تعداد ديموغرافي والمثقف الى بعير اجرب يجب افراده والحَجر عليه كي لا يصب القافلة بالعدوى .
لا اعرف بالضبط ما اذا كان ذلك العبقري جنرالا انجلوساكسونيا او مستشرقا يتسلم راتبه الشهري من دوائر المخابرات او فيلسوفا من طراز برنارد لويس وبرنارد ليفي وسائر سلالة البرناندات !
كل ما في الامر ان ما يحدث الان لم ينجزه التخلف والجهل والفقر فقط، بل التحالف الشيطاني بين هذا الثالوث وبين المستعمر والوسيط والسمسار !
ما من تخلف مهما بلغ انتج مثل هذه الكوارث، والفقر ايضا لم يسبق له ان انجب حروبا اهلية، رغم امتلاء كتب التاريخ بمثل هذه الشائعات … وكل ما اتيح لي ان اقرأه من الديستوبيات او المدن الراذلة كما تخيّلها كُتّاب وفلاسفة من طراز جورج اورويل لا يصل الى هذا الحدّ الذي اصبح معه العربي امثولة في الانتحار القومي وحرب الاخوة الاعداء وتحويل الفائض في كل شيء الى نقصان ومديونيات !
فهو ميداس الاسطورة لكن على نحو معكوس لأنه يلامس الذهب فيحوله الى تراب بخلاف ميداس الاغريقي الذي كان يلامس التراب وكل شيء فيحوله الى ذهب !
كم نجح او نجحوا هؤلاء الذي اعادوا الادمي الى سعدان في اقل من قرن !!
الدستور