وسائل الاعلام الخارجية تتعجب للاهتمام الكبير للاردنيين هذا العام في ذكرى وصفي التل. فقد عبرت صحيفة رأي اليوم الالكترونية الاوسع انتشارا في العام العربي عن دهشتها لحجم التفاعل الشعبي مع المناسبة في مختلف الاوساط الشعبية الاردنية وخاصةعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ان الاساس ان للبطولة ادوار حيوية في حياة الشعوب، فهي تستدعي المعاني الاكثر سموا وجاذبية في وجدان الناس وتوظفها كمرجعية ضابطة لإيقاع الحياة. انها سمة القيادة في شخصية الراحل وصفي التل التي جعلت منه اسطورة شعبية لا تكل الجماهير عن استعادتها عندما يمر الوطن بمراحل مفصلية حرجه من تاريخه.
ان حالة الاحتفال الضخم للاردنيين هذا العام في ذكرى رحيل وصفي، هي في الواقع دليلا جديدا متجددا على حيوية المجتمع الاردني وقدرته على توظيف القيم الرمزية في واقع الحياة.
ان الانسان الطبيعي يميل الى التعلق بالرموز الايجابية التي تجسد معاني البطولة والتضحية والإثار ويصنع منها ايقونة تجسد لديه حالة الانتظام الداخلية الضرورية لحياة أكثر وعيا وقدرة على العطاء. انها تداعب ذلك الجانب الايجابي العميق من المكونات الوجدانية في الانسان، وتُفعلها كقيمة ايجابية يتم احلالها عميقا محل قيم اخرى لم تعد جاذبة، حيث تنسحب القيم القديمة الخاملة لتحتل القيمة الجديدة مكانها فتسمو بالانسان الى مستويات وجدانية عالية القيمة تدفعه الى تذكر معاني البطولة والتضحية التي مثلها الرمز.
هكذا هو الوجدان الشعبي، خزان ضخم، حي، متفاعل يستدعي البطولة والرجولة ويضعها قي سياق الحياة كقيمة متفق عليها في الوجدان الجمعي تعمل على دفع عجلة الحياة بعزيمة باتجاه المستقبل.
لقد كان وصفي وطنيا اردنيا ووطنيا فلسطينيا وقوميا عربيا، انها في الواقع هذه المعادلة بالغة التعقيد التي جعلت منه اسطورة شعبية لا تضعفها مرور السنين والحقب ، فقد كان الرجل يتفانى في خدمة الاردن، باختصار لان الاردن في تفكيره وجدان فلسطين وتوأمها، وكان يدرك مكانة الاردن وفلسطين في معادلة القومية العربية.. باختصار كان رجلا عميقا، مثقفا، زاهدا فتحول الى قائد وطني تتذكره الاجيال وتحتفي بذكرآه جيلا بعد جيل.
اما للاشخاص الذي يعبرون بحزن عميق وهم يحتفلون بذكرى وصفي، فانصحهم بحب ان يحتفلوا بفرحة، فوصفي شكل رمزا وطنيا وقوميا واصبح رمزا شعبيا في مصاف العظماء.. فكيف لامة ان تحتفي برمز عظيم وهي تبكي؟ ..
ان وجدان الشعوب والامم يحتفي برمزية المناسبة بفرح غامر وليس بحزن، فالامم بلا رموز وابطال كالحياة بلا اهداف، حيث تصبح بلا قيمة حقيقية..